إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
68725 مشاهدة
نشاط المدرس واجتهاده إذا علم بوصول الموجّه، وفتوره قبل مجيئه وبعد خروجه


س 36: وسئل -وفقه الله- عندما يعلم المدرس بوصول الموجّه إلى المدرسة فإنه يجد ويجتهد، ويبذل قصارى جهده؛ استعدادًا لدخول الموجّه عليه في الفصل، فيحضر الوسيلة ويأتي بألوان من الأقلام للكتابة بها على السبورة، ويرفع صوته في الفصل ويتحرك فيه، ويكتب عناصر الدرس، ويسيطر على طلاب الفصل سيطرة تامة، وأما قبل مجيء الموجه وبعد خروجه من المدرسة فإن الوضع يتغير تمامًا، فيعود تقصيره وتساهله، فهل هذا من أخلاق المدرس المسلم؟ وهل يعتبر هذا من التقصير المحاسَب عليه أمام الله؛ لكونه لم يؤد الأمانة على الوجه المطلوب لخوفه من الموجه؟
فأجاب: على المدرس أن يخلص في عمله، وأن يقصد بأدائه وجه الله -تعالى- وخوفًا من الحساب الأخروي، وأن يعتقد أن هذا التدريس أمانة بينه وبين الله -تعالى- فيستشعر الخوف من الله أن يعاقبه على ما علم منه من التقصير والإخلال بالعمل الواجب عليه، ويعتقد أن هذا التدريس أمانة قد ائتمنه عليها ربه، وقد وكل هؤلاء الطلاب إليه أمرهم، وقد أسلمهم إليه أولياؤهم، وكذا أخذ هذه الأمانة من المدرسة، فالإدارة قد فوضوا إليه هذه الدروس، ووثقوا بأنه سيقوم بالواجب، وأعطوه على ذلك أجرًا محددًا، فعليه الحرص على أداء هذه الأمانة، وعليه أن يشعر بالمسئولية عاجلا وآجلا، فمتى علم بذلك كان عليه أن يخلص في عمله لوجه الله -تعالى- واستحلالا لما أخذه من الراتب، ونصحًا للمسلمين، ومحبة لحصول الخير لكل مسلم، فإن المسلم يحب للمسلمين ما يحب لنفسه وولده.
فكما ينصح لأولاده ويتمنى لهم العلم النافع والمعرفة والفهم والتفوق، فكذلك يفعل مع أولاد إخوانه من المسلمين، وحيث إنه موكول إليه هذا التدريس فالواجب عليه أن يخلص في العمل، ولا يحمله على الإخلاص محبة الشهرة، أو مدح الموجه له، أو نجاحه عند الإدارة، أو الخوف من أن ينتقد عليه الموجه تقصيرًا أو خللًا، بل عليه أن يكون في عمله كله مجدًّا نشيطًا مخلصًا في كل الحالات وفي جميع الأوقات، فأما الذي يجتهد ويجد في درس واحد وهو الذي يحضره المفتش والموجه فإن هذا يخاف عليه أن يكون من الخائنين، أو من المرائين بأعمالهم، والله عليم بذات الصدور.