إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
80473 مشاهدة
ليس لأهل الذمة ركوب الخيل

ولهم ركوب غير خيل كالحمير بغير سَرج فيركبون بالإكاف، وهو البرذعة لما روى الخلال أن عمر رضي الله تعالى عنه أمر بجز نواصي أهل الذمة وأن يشدوا المناطق، وأن يركبوا الأكف بالعرض.


حرص عمر رضي الله عنه على أن يتميزوا، وأن يكون لهم سمة يظهرون فيها أذلاء منكسرين فأمر بجز نواصيهم، ونهاهم عن ركوب الخيل؛ لأن ركوبها فيه شرف، وأباح لهم أن يركبوا غيرها؛ فيركبوا الحمير ويركبوا البغال؛ لأنها قريبة من الحمر، وإذا ركبوا على الحمير أو ركبوا على البغال فلا يركبوا على السرج؛ فالسرج خاص بالخيل. والسرج هو الأعواد التي تجعل على ظهر الفرس، يعني: يتمسك بها الراكب، العامة يسمونها الهولاة، وأما البرذعة فهي التي تجعل على ظهر الحمار، والعامة يسمونها الفارة عبارة عن وسادة شبه الوسادة؛ إلا أن بوسطها إلى أسفلها مثل الحلس يكون عليه ظهر الحمار، وتربط من تحته ويركب الراكب فوقها؛ تربط في بطنه. فكأنه يقول: لا يركبون بالسرج؛ فإن السرج صفة رفيعة شريفة، بل يركبون بالإكاف الذي هو البرذعة، هذه الوطاء أو الوقاية التي تجعل على ظهر الحمار يركبون عليها، وإذا ركبوا فقد يشتبهون أيضا بالمسلمين فإن المسلمين أيضا يركبون الحمر والبغال، فأمروا بأن يركبوها عرضا. إذا ركبوها فإنهم يجعلون وجوههم إلى جانب وظهورهم إلى جانب لا يركبون ويستقبلون رأس الدابة، وكل ذلك ليحصل تميزهم عن المسلمين إذا ركبوا عليها معترضين. نعم.