تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
80491 مشاهدة
إذا قاتل الذمي المسلمين أو تعدى عليهم

أو قاتلنا.


وهكذا معلوم أنه إذا قاتل المسلمين أو استباح قتالهم فقد نقض عهده نعم.

أو تعدى على مسلم بقتل، أو زنى بمسلمة، وقياسه اللواط.


وهكذا إذا فعل هذه المعاصي. إذا قتل مسلما قتل؛ قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قتل يهوديا بمسلمة في حديث أنس المشهور: أن يهوديا رض رأس جارية من الأنصار على أوضاح لها فأدركت وبها رمق، فقيل من فعل هذا بك أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي، فأشارت برأسها أن نعم، فأخذ فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين أن يجعل رأسه على حجر ويفتخ بحجر؛ لأنه هكذا فعل بهذه الجارية لأجل أوضاح لها - الأوضاح يعني حلي من الفضة- يعني: قتلها لأجل أن يأخذ ذلك الحلي الذي عليها، فإذا قتل مسلما أو قتل مسلمة انتقض عهده، وكذلك الزنا إذا زنى بمسلمة أو فعل فاحشة اللواط برجل مسلم فإنه ينتقض عهده ويقتل، ولو كان غير محصن. لو زنى بمسلمة ولو كان غير محصن فإنه يقتل وكذلك إذا فعل مقدمات ذلك؛ ففي قصة بني قينقاع سبب انتقاض عهدهم: أن تاجرا منهم جاءته امرأة مسلمة متحجبة فطلب منها أن تكشف وجهها؛ فامتنعت فعمد إلى ثوبها من خلفها، فربط أسفله بأعلاه بإبرة أو شوكة وهي جالسة، فلما قامت تكشفت. يعني: انكشفت عورتها من الخلف، فجلست وصاحت، وأخبرت بأن هذا هو الذي ربط ثوبها حتى بدت عورتها؛ فكان هذا سببا في إجلائهم إجلاء بني قينقاع؛ لأجل هذه الفعلة الشنعاء بمسلمة.
وفي عهد عمر لما زار الشام جاءه يهودي أو نصراني وقد ضُمخ بالدم، فاشتكى رجلا من الصحابة أنه ضربني وأنه شجني وأنه جرحني، فاستدعي ذلك الصحابي لماذا فعلت بهذا المعاهد؟ فأخبره بقصة: وهو أنه رأى امرأة تسير على حمار لها؛ امرأة مسلمة، فراودها فامتنعت، فدفعها عن حمارها حتى سقطت من الحمار، وحاول أن يتغشاها فصاحت، فكان عندها هذا الصحابي الذي جاء إليه فزعا وضربه حتى شجه.
اعتبر عمر هذا منه نقضا للعهد، وقال: ما على هذا عاهدناكم وأمر به فقتل، فدل على أنه إذا حاول فعل الفاحشة: زنا أو لواط أو مقدمات ذلك أنه ينتقض عهده. نعم.