القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
220993 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستواء على العرش وعظمة الله

...............................................................................


فنعرف أن ربنا سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض؛ كما أخبر بذلك قال سبحانه وتعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فأخبر بأنه الذي خلق السماوات والأرض وأنه الذي استوى على العرش.
وكذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعظمة السماوات وما بينها من المسافات، وأن ما بين سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة. وهذا هو الثابت، وأما في الآثار التي فيها خمسون ألفًا أو عشرة آلاف سنة، فإن هذا لم يكن بإسناد قوي. وما ورد خمسمائة سنة لم تصل إلى ألف؛ فضلا عن عشرة آلاف فضلا عن خمسين ألفًا فيعتمد ما ثبت.
وكذلك أيضًا استواء الله على العرش ذكر في سبعة مواضع من القرآن، وهذه السبع اطردت على ذكر الاستواء. وسئل عنه بعض السلف كأم سلمة وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس فقالوا: الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. هذا هو كلامهم. فأخبروا بأن الاستواء معلوم أي مفهوم معناه له معنى. وذلك المعنى مفهوم بحيث أنه يفسر ويبين ويترجم من لغة إلى لغة. إلا أن له كيفية وتلك الكيفية لا يجوز البحث عنها الكيف مجهول.
هكذا أجاب هؤلاء السلف رحمهم الله. وعليه اتفق العلماء حيث فسروا الاستواء: ففسره بعضهم بالاستقرار اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ استقر. وفسره بعضهم بالعلو: علا، وفسر بالارتفاع: ارتفع على العرش، وفسر بالصعود. ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله في قوله:
ولهـم عبـارات عليهــا أربـع
قــد حـررت للفـارس الطعـان
وهـي استقـر وقد علا وكذلك ار
تفـع الـذي مـا فيه من نكـران
وكـذاك قد صعـد الذي هو رابع
وأبـو عبيـدة صـاحب الشيـباني
يختـار هـذا القـول في تفسيره
أدرى مــن الجـهمي بـالقـرآن

هذا هو ما دلت عليه هذه الكلمات. وأما كيفية الاستواء فإننا نتوقف عنها. ويقال كذلك في بقية صفات الله سبحانه.

line-bottom