إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
220977 مشاهدة print word pdf
line-top
تنزيه الله تعالى عن النسيان

...............................................................................


وكذلك أيضا نزه الله تعالى نفسه عن النسيان في قوله تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا أي: لا يغفل عن شيء ولا ينسى شيئا بل هو عالم بكل شيء، لا يخفى عليه أمر في الوجود من مخلوقاته، وكذلك نزه نفسه عن أن يخفى عليه في المخلوقات خافية في قوله تعالى: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ أي: لا يغيب عنه ولا يخفى عليه مثقال ذرة، فكيف بما هو أكبر منها. أي هو عالم بما يكون وبما يحدث وبما يوجد من مثقال ذرة أو أكبر منها أو أصغر لا يخفى عليه خافية.
وإذا عرفنا أن ربنا سبحانه نزه نفسه عن هذه النقائص، فمنها ما في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نزه ربه تعالى عن النوم في قوله: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام .
ومر بنا أيضا قصة موسى لما أنه سأل ربه. هل ينام ربنا؟ أخبره بأنه لا ينام وأمره بأن يقوم في الليل أن يقوم الليل ليلا طويلا وأن يقبض في يديه زجاجتين، ففعل فلما نعس ضربت إحدى الزجاجتين الأخرى فتكسرتا، فأخبره بأنه لو نام لاختلت هذه المخلوقات، فإنه تعالى يمسكها كما يشاء ولا تضطرب ولا تتحرك بل هي ثابتة كما يشاء، فالأرض ثابتة كما ثبتها الله في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً .
السماء أيضا ثابتة؛ ولهذا قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وفي آية أخرى يقول الله تعالى: وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ أخبر بأنه يمسك السماوات والأرض بقدرته، ولئن زالتا لو اضطربت الأرض أو اضطربت السماوات أو تحركت من الذي يمسكها؟ لا يمسكها إلا الله وحده، ما يمسكها إلا هو.
وكذلك أيضا أخبر بأنه يمسك المخلوقات قال الله تعالى: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ وفي آية أخرى: مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ أي هذه الطيور التي هي صافات في الجو ومع ذلك تقبض أجنحتها أحيانا. من الذي يمسكها في هذا الهواء؟ جعل الله تعالى هذا الهواء له جرم تتماسك فيه هذه الطيور، ولولا ذلك لسقطت ولم تنفعها خفقاناتها ولا طيرانها، ولكن الله تعالى هو الذي يمسكها مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ .
فكما أنه الذي يمسك هذه الأجرام ما يمسكها إلا الله تعالى، فإنه الذي يمسك جميع المخلوقات كما يشاء، وكذلك أخبر بأنه: يخفض القسط ويرفعه يخفض القسط. القسط قيل: إنه الميزان وقيل: إنه العدل وقيل: إنه التصرف يعني: يتصرف في الخلق كما يشاء فيخفض قوما، ويرفع آخرين كما شاء سبحانه وتعالى يُرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل .

line-bottom