من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
129593 مشاهدة
النظر والتأمل في خلق البحار

...............................................................................


وكذلك أيضا جعل فيها هذه البحار الممتدة التي لا يدرك لبعضها طرف في امتدادها، وجعل في وسط بعضها جُزرا، انحسر عنها الماء فأصبحت جزرا في وسط ذلك الماء، يسكنها من يسكنها من خلق الله تعالى. لا شك أن هذا دليل على عظمة من أوجدها، وهكذا أيضا ورد في الحديث تقسيم الأرض بالنسبة إلى المطَّلع عليها إلى أربعة أقسام: قسم يمسك الماء ولا يفلته. أي: ماء المطر، وقسم ينبت ولا يمسك ماء، وقسم يمسك وينبت، وقسم لا يمسك ولا ينبت وهو الأرض السبخة.
لا شك أن الذي قسمها إلى هذه الأقسام هو الرب تعالى الذي خلقها وجعلها على هذه الطبقات. كذلك أيضا جعل في جوفها في جوف هذه الأرض حفرا تمسك الماء بمنزلة المستودعات التي يودع فيها الماء ماء السماء إذا نزل، فإذا نزل هذا المطر امتصته تلك الأودية، وانصب في المستودعات، وبقي في جوف الأرض، يستخرج عند الحاجة بالدلاء وبالنواضح وما أشبه ذلك. لا شك أنه علم حاجة خلقه إلى ذلك فجعل فيها هذه الحفر التي في وسطها. قد تكون واسعة لا يعلم سعتها إلا الله تعالى.