لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
129620 مشاهدة
من عجائب الخلق في أعضاء الإنسان

...............................................................................


مر بنا فيما ذكره المؤلف أن في نفس الإنسان عجائب أن رأسه يخرج منه أربع عيون يخرج من رأسه أربع عيون، عين مالحة وعين حامضة وعين مر زعاق وعين عذب فرات، فذكر المؤلف رحمه الله أبو الشيخ الأصبهاني أنه إذا تفكر في هذا عرف عجائب الخلق. فالعين العذب هو الريق؛ الذي في هذا الفم من أين يأتي هذا الريق؟ وكيف أن الفم دائما وهو يسيل بهذا اللعاب، ثم إنه حلو عذب؛ وذلك لأنه في الفم ويمر باللسان الذي يعرف به طعم كل مطعوم. فلو كان هذا الريق مرا لما استقر في هذا الفم ولتكدر عليه ما هو فيه من هذه المرارة المستمرة معه؛ فلذلك جعله الله عذبا حلوا، وجعل فمه دائما رطبا ولو يبس أحيانا لما استطاع أن يتكلم، ولما استطاع أن يتنفس بل هذه الرطوبة مستمرة معه. كيف تأتي؟ تسخير من الله تعالى.
كذلك العين الثانية التي تسيل من الأنف طعمها حامض لا يستساغ، وذلك لأن هذا فضلات تنصب من الرأس. هذا الرأس بما فيه من هذه الأدمغة، وهذه الأجهزة لا بد أن يسيل منه سوائل فجعل الله هذا منفذا لها، تخرج منه إذا شاء الله متى احتاجت إلى خروج وجدت هذا المخرج. لا شك أن هذا فضل من الله حيث يسر خروج هذه الفضلات بسهولة حتى لا تحتجر وتجتمع في الرأس فتفسد الأدمغة والرأس جعل الله تعالى لها مخرجا.
كذلك أيضا العين الثانية ما يجري من العينين. هذه العين دائما رطبة؛ لأنها جوهر لطيف. جعل الله تعالى فيه هذا النور وهذا الشعاع الذي يدرك المبصرات. جعل الله فيه تعالى هذا الماء الذي يسيل منه وهو الدمع، وجعله مالحا شديد الملوحة شبيها بماء البحار، وذلك كما ذكر المؤلف أن هذه العين فيها أو ما حولها هذه الشحمة التي تمسكها، ولا شك أنها بحاجة إلى ما يحفظ عليها جوهرها فلا تفسد. ذكر أن الله جعل ما يسيل منها جعله بهذه الحالة ملحا شديد الملوحة.
قد ذكر العلماء والأطباء أن الحكمة في ملوحة البحر كثرة ما يموت فيه من الدواب، فإذا ماتت فيه هذه الدواب فإنها لا تتغير بل لا يتغير الماء ولا تتغير لا تخنز ولا يظهر فيها نتن، ولو بقيت ما بقيت؛ لأن ملوحة هذا الماء يمنعها من التعفن، فكذلك هذه الجوهرة التي هي العين لما فيها من هذه الشحمة ونحوها تحفظها هذه الملوحة وهذا الماء الذي هذا طعمه بهذا الطعم، لا شك أن هذه الملوحة فيها فائدة هكذا ذكر الأطباء. وذكر المؤلف.
كذلك أيضا العين الرابعة ما يخرج من الأذن. ذكر أنه يخرج منها هذا الشيء الذي هو مر زعاق لا يستساغ، وقالوا: إن الحكمة كون الأذن دائما منفرجة وهي عرضة أن تدخلها الدواب الصغيرة كالذر ونحوه، فكانت هذه المادة تسدها وكانت بهذا الطعم المر بحيث أنها إذا طعمتها تموت فلا تبقى؛ لأنها لو دخلت فيها لتأذى الإنسان بدخولها في هذا الصماخ، وأما التأمل والتفكر في بقية أعضاء الإنسان فإنه يفوق العد ويفوق الحسبان، وقد أطال في ذلك الأطباء المتقدمون والمتأخرون.
فالحاصل أن التفكر تارة يكون في المخلوقات كالتفكر في الإنسان التفكر في نفسه وفيما خلق له وفي كيفية وعجائب خلقه، وكذلك أيضا التفكر في المخلوقات العلوية والسفلية، وهذا بلا شك يكسب من تفكر ذكرى وعبرة وموعظة، ويحصل من آثار ذلك علم يستفيد منه، وكذلك عمل يعمله يستعد به للنجاة من عذاب الله تعالى، فهذا نوع من التفكر يحتاج إليه أهل الإعراض. إذا رأيت الإنسان معرضا عن وظيفته التي هي عبادة ربه، ورأيته مكبا على شهواته فإنك تلفت نظره إلى أن يتفكر فيما بين يديه وفيما خلفه، وفي هذه الآيات وفي هذه العجائب والمخلوقات، وتدله على مواضعها.