اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
تفاسير سور من القرآن
65797 مشاهدة
تفسير قوله تعالى: قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ

...............................................................................


قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ .
لما نصح نبي الله هود قومه هذا النصح الكريم، وذكرهم بآلاء الله ونعمه، وأشار لهم إلى أن الله أهلك من كان قبلهم لما عصوا وتمردوا، وكان قد خوفهم قبل هذا، وهددهم بأنهم إن لم يؤمنوا بالله أهلكهم الله وعذبهم.
قالوا له هذا الجواب الخبيث الذي هو في غاية الخبث، وبذاءة اللسان، والعتو، والتمرد على الله. قَالُوا ؛ أي قال قوم هود لهود أَجِئْتَنَا يا هود بهذه الدعوة التي جئت بها، والدين الذي تزعم وتدعو إليه، لتصرفنا عن آلهتنا التي كنا نعبدها، و لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ نعبد إلها واحدا لا نشرك به شيئا آخر من الآلهة. وَنَذَرَ ؛ أي ونترك ما كان يعبد آباؤنا من الآلهة. فقوله: نَذَرَ معناه نترك.
وهذا الفعل لا يوجد منه في العربية إلا مضارعه وأمره، تقول: يذر الأمر بمعنى يتركه، وذر بمعنى اترك، ولا يستعمل منه في العربية إلا الأمر والمضارع؛ فماضيه ترك واسم فاعله تارك، واسم مفعوله متروك، ومصدره الترك؛ لأنه لا يوجد منه إلا الأمر والمضارع.
فمعنى لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ ؛ أي لنفرد خالق السماوات والأرض وحده بالعبادة، وَنَذَرَ ؛ أي ونترك أي عبادة ما كان يعبده آباؤنا من قبلنا من هذه الآلهة والأصنام، وكانت عندهم أصنام يسمونها، كما دل عليه قوله: أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا والمؤرخون وأهل الأخبار يزعمون أن منها صنما يسمى صداء أو صمد، وصنم يسمى صمود، وصنم يسمى الهباء، وهم يعبدون هذه الأصنام، ويسمونها بهذه الأسماء.
أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ هذا إنكار منهم، وهم ينكرون أعظم الحق، وأوضح الحجج، وهي توحيد رب العالمين. وَنَذَرَ أي ونترك ما كان يعبد آباؤنا من قبلنا، ثم قالوا له: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا نحن لا نصدقك أبدا، ولا نؤمن لك أبدا؛ فالعذاب الذي تهددنا به عجل به علينا، فإن كان عندك شيء أو صدق، فائت بالذي تهددنا به وتخوفنا به.
إن كنت صادقا في ذلك الوعيد فهات العذاب وعجله، وهذا أعظم الطغيان والتمرد؛ كما قال كفار مكة إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ فاستعجلوا بالعذاب، وأظهروا التمرد النهائي، وأنهم لا يرتدعون، ولا ينكفون عن كفرهم.
فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا ؛ أي بالذي تعدنا به من العذاب، وعذاب الله لنا في زعمك إن كنت من جملة الصادقين، فهات الذي تهددنا به تمردا على الله، وتعجيزا لرسوله، واستخفافا بدعوة نبيه.