اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
تفاسير سور من القرآن
65790 مشاهدة
فتنة التصوير وأثرها

...............................................................................


وذكر المؤرخون وأصحاب الأخبار أن بين نوح وآدم عشرة قرون كلها كانت على دين الإسلام، وكان في قوم نوح رجال صالحون من أفاضل الناس في العبادة والزهد وطاعة الله، وهم ود ويغوث ونسر ويعوق.
فلما ماتوا صور قومهم صورهم وبنوا عليهم مساجد، وصاروا إذا نظروا إلى صور أولئك الصالحين بكوا بكاء شديدا، ونشطوا في العبادة لما يعلمون من صلاح أولئك القوم، وما كانوا عليه من العبادة. فتطاول بهم الزمان حتى مات أهل العلم وبقي الجهال؛ فجاءهم الشيطان فقال لهم: إنما كانوا يعبدون هؤلاء ويسقون بها؛ فعبدوهم. وذلك أول كفر وقع في الأرض.
وعلم بذلك أن أول كفر وقع في الأرض إنما جاء عن طريق التصوير، فكثير من الناس الذين لا يفهمون يقولون: هؤلاء المنتسبون للعلم يشددون النكير في التصاوير ويحرمون التصوير. والتصوير ليس فيه جناية على مال ولا على نفس، ولا على عرض؛ فأي ذنب عظيم في التصوير؟ وأي بأس فيه؟ ويظنون لجهلهم أن أمره خفيف!!
والتصوير له أثره البالغ في إفساد الدنيا، وإفساد الدين أولا وآخرا. أما أولا - فالتصوير هو سبب أول كفر وقع في الأرض تحت السماء؛ أوله تصوير صور أولئك القوم الصالحين الذين صوروهم بقصد حسن، وكانوا إذا رأوا صورهم بكوا وأنابوا إلى الله، وجدوا في العبادة؛ لما كانوا يعلمون من صلاح أولئك القوم الذين صوروا صورهم.
ثم تطاول بهم الزمان إلى أن كانت تلك الصور أوثانا تعبد من دون الله. ولذا عارضوا نبي الله نوحا في عبادتهم أشد المعارضة وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا فعلم أن التصوير كان أول جناية شركية وقعت في الدنيا، وهذا الأثر السيئ التاريخي يدل على عظم شره -قبحه الله.
وكذلك في الآخر كان من أعظم الأسباب التي ضيعت أخلاق المسلمين، وذهبت بعقولهم ومكارمهم؛ لأن الذين يريدون ضياع الإسلام يسعون كل السعي في أن يصوروا النساء عاريات الفروج، ويطبعون صورها في الصحف والمجلات، ويرسلونها لأقطار الدنيا.
فإذا رأى الشاب الغر المسكين صورة فرج الخبيثة باديا تحركت غريزته، وقامت شهوته، وسافر إلى البلاد التي تمكنه فيها الحرية، وإشباع رغبته الغريزية التي لم يقيدها تقوى، ولم يزمها إيمان ولا ورع ولا مروءة؛ فصار التصوير في الأحوال الراهنة له أيضا أثره البالغ في ضياع الأخلاق وانتشار الرذيلة والقضاء على مكارم الأخلاق -قبحه الله .
ويكفي أن الله جل وعلا له الأسماء الحسنى والصفات العلا، ومن أسمائه العظيمة التي تحتها غرائب وعجائب تفتت الأكباد اسمه الْمُصَوِّرُ جل وعلا؛ فهو جل وعلا من أسمائه الأزلية التي سمى بها نفسه الْمُصَوِّرُ واسمه الْمُصَوِّرُ تحته من غرائب صنعه وعجائب قدرته ما يبهر العقول لمن كان له عقل أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .
ومما يوضح عظمة هذا الاسم، وما يشير إليه من كمال قدرة الله وعظم علمه وإحاطته بكل شيء -أن ينظر الواحد منكم إلى الحجيج يوم جمرة العقبة، فيجد الناس بهذه الكثرة العظيمة مع اختلاف ألوانهم وأشكالهم وبلادهم وهيئاتهم.
ويجد الجمع مصبوبين صبة واحدة.
فالأنف موضوع في محله، والعينان في محلهما، والأذنان في محلهما، والفم في محله، وكل عضو موضوع في موضعه من الجميع. والله يصور كل واحد منهم صورة مستقلة يطبعه عليها بعلمه وقدرته لا يشاركه...