إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
تفاسير سور من القرآن
113803 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم من حرَّم الحلال

...............................................................................


وَكُلُوا وَاشْرَبُوا نزل قوله: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا في بعض العرب. قال بعض العرب: كان بنو عامر بن صعصعة إذا أحرموا بالحج لا يأكلون الودك، ولا يشربون من ألبان الغنم، ولا مما خرج من لحومها، فحرموا على أنفسهم بعض الطيبات من الدسم، كالودك بعضهم يحرم شرب اللبن، واللحم.
كذا أمروا أيضا ألا يحرموا هذه الطيبات التي أحل الله، كما قال لهم: البسوا الثياب ولا تتجردوا في الإحرام، فكذلك كلوا طيبات الرزق، ولا تحرموها على أنفسكم؛ أي وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتى ولو كان من الودك، ولو كان من اللبن، مما يحرمه الجاهلية.
لأن الجاهلية كانوا في الموسم بعضهم يحرم على نفسه الدسم، وبعضهم يحرم شرب اللبن واللحوم، يزعمون أن هذا أتم لحجهم، وأنه أرضى لله؛ فقال الله فيهم: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ولا تحرموا شيئا من طيبات الله؛ لأن ذلك تشريع الشيطان ككشف العورات.
وهذا يدل على أن الإنسان لا ينبغي له أن يحرم شيئا حلله الله، كما قدمنا في سورة المائدة في قوله: لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا وعليه فليس للإنسان أن يقول: هذا الطعام، أو هذا الشراب حرام علي، فإن حرم على نفسه حلالا كطعام أو شراب، فإنه لا يحرم عليه.
وبعض العلماء يقول: تلزمه في تحريم الحلال كفارة يمين، ومالك وأصحابه قالوا: إن لم يكن الذي حرمه حلالا غير الزوجة والأمة لا تلزمه يمين، ولا يلزمه شيء؛ فحجة من قال: إنه تلزمه يمين أن الله لما قال لنبينا صلى الله عليه وسلم، وهو قدوتنا صلوات الله وسلامه عليه: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وأصح الروايات أنه العسل، وإن جاء في روايات أخرى أنه جاريته، قال الله له بعد تحريم هذا الحلال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ فعلم أن في تحريم الحلال كفارة يمين؛ لأن تحلة اليمين هي كفارته، وذلك يدل على أن فيه كفارة يمين، خلافا لمالك وأصحابه.

line-bottom