الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
268229 مشاهدة print word pdf
line-top
ما هي الرضعات المحرمات باتفاق العلماء؟

س 175- ما هي الرضعات المحرمات باتفاق العلماء؟ وماذا يترتب عليها من أمور؟
جـ- قال الله -تعالى- في سياق المحرمات في النكاح: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تحرم المصة والمصتان ولا الإملاجة والإملاجتان وقد اختلف العلماء في عدد الرضعات المحرمة فذهب المالكية إلى أن قليل الرضاعة وكثيره يحرم ولو مصة واحدة، واستدلوا بإطلاق الآية وتكلفوا في الجواب عن الحديث المذكور.
وذهبت الحنفية إلى أن التحريم لا يكون إلا بعشر رضعات. وقالوا: إن أقل من ذلك لا يحصل به التغذية. واستدلوا بحديث: لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم وذهب الحنابلة إلى أن عدد الرضعات المحرمة خمس رضعات، لقول عائشة كان مما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخ بخمس رضعات. ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر سهلة امرأة أبي حذيفة أن ترضع سالما خمس رضعات، ثم تكشف له ثم إن الرضعة فيها خلاف فقيل: الرضعة المصة الواحدة. وقيل الرضعة هي الشبع كالغدوة والعشوة، والمشهور أن الرضعة هي إمساكه الثدي والامتصاص ثم إطلاقه ولو عدة مرات في جلسة واحدة، ثم يترتب على الرضاع تحريم نكاح المرضعة، وهي أمه، وبناتها أخواته، وأولاد أولادها أولاد إخوته، أو أولاد أخواته، ذكورا أو إناثا، وأخواتها خالاته، وزوجها أبوه من الرضاعة، وأولاده من غيرها إخوته من أبيه. وهكذا، وهذه الرضاعة تفيد المحرمية والسفر معه وجواز النظر إليها، ولا تفيد الإرث ولا العقل ولا وجوب النفقة، ونحو ذلك.

line-bottom