الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
180738 مشاهدة print word pdf
line-top
السلف واستشعارهم لذة العبادة

ذكر أن بعض السلف أنه قال: إنه ليمر بالقلب أوقات
يرقص فيها طربا. أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب. يعني: أنهم من آثار الطاعة، ومن آثار العبادة يجدون لذة وسرورا، يتلذذون بالعبادات ولو كان فيها مشقة على النفس؛ ولكن يجدون لها راحة أيما راحة، وهكذا يكون الصالحون.
ذكر عن بعض السلف عن إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- أنه كان طعامه كسر خبز يابس، يشرب عليها ماء قد يكون ماء أجاجا، أو ماء متغيرا هذا هو طعامه. ومع ذلك يقول: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف، يعني: ما هم فيه من اللذة، لذة الإيمان، ولذة الأعمال الصالحة، ولذة الطمأنينة، وراحة القلوب، وما أشبه ذلك.
فنجرب أنفسنا هل نحن بإيماننا وبأعمالنا الصالحة نجد هذه الراحة، ونجد هذه الطمأنينة والسعادة؟ السعادة العاجلة، فإن هذه بشرى المؤمن؛ حيث وجد أثر هذه العبادة والطاعة أثرا ظاهرا.
لا شك أن هذا من علامة السعادة والخير. فأهل الطاعة، وأهل العبادة يتلذذون بعباداتهم فأسفارهم مثلا إلى هذه البقاع الطيبة يرتبطون بها. إذا وفقهم الله، ولو تكلفوا، ولو قطعوا المسافات، ولو تجشموا المشقات؛ ولكن تهون عليهم الصعاب، وتهون عليهم المشقات؛ وذلك لأنها في عمل يحبه الله تعالى، ويثيبهم عليه فيهون عليهم ما يلاقونه.
لقد كانوا فيما ذُكِرَ يغيب أحدهم لأجل سفر الحج سنة، أو ربما سنتين، أو أكثر حتى يصل إلى هذه البقاع، ويؤدى فيها النسك. ثم يرجع مسيرة سنة أخرى أو نحوها. هذا في الزمان القديم. يأتون ربما يمشون على أرجلهم، وربما يركبون على السفن التي تخوض البحر. أحيانا تبقى السفينة في البحر شهرا، أو أكثر من شهر أو شهرين السفن القديمة. وكذلك يركبون حمرا، أو يركبون دواب من الإبل. ويبقون مدة طويلة من أطراف البلاد حتى يصلوا إلى هذه البقاع يهزهم الشوق إلى هذه المشاعر، وإلى هذه المناسك وذلك لأنها قبلتهم. لما كانت قبلتهم كانت نفوسهم تنجذب إليها، ولما كان حجها، أو أداء هذه المناسك والمشاعر والعبادات فيها من شعائر الإسلام، ومن أسباب طاعة الله تعالى، ومن علامات السعادة كانت لذيذة عندهم.
يقطعون لها المسافة، ويصبرون على المشقات، فإذا وصلوا إليها اغتبطوا، ونسوا ما كان عليهم من الصعوبات. نسوا تلك المشقات التي لاقوها، سهر الليل، ومشي النهار، وضربة الشمس، والجوع والظمأ والجهد والتعب الشديد، ومواصلة المسير، لا شك أن هذه كلها هانت عندهم. لماذا؟ لأنهم ظفروا بمقصدهم ظفروا بهذه العبادة التي هذا موسمها، والتي هذا مكانها.

line-bottom