إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
178708 مشاهدة print word pdf
line-top
لباس الحج والحكمة من تشريعه

ثم تجرُّد المحرم من لباسه المعتاد، ولباسه لهذا اللباس -الذي هو لباس خاص- لا شك أن الحكمة فيه، الحكمة أن يستشعر بأنه في عبادة، كل من رآه وهو على هذا اللباس عرف أنه محرم، وكل من رآه هنأه بهذا اللباس، وقال: هذا محرم فعليكم أن تعرفوه. فيعرف بهذه الهيئة وهذه اللبسة.
ومن الحكمة في ذلك أن يكون الناس كلهم على لباس واحد، كل المحرمين حجاجا أو عمارا يكونون على لباس واحد، يستوون في ذلك، فلا فرق بين أمير وخادم، ولا فرق بين ملك ومملوك، ولا فرق بين غني وفقير، وهذه التسوية لا شك أن الحكمة فيها أن يعرفوا ويعترفوا أنهم جميعا خلق الله، وأنهم عبيده، وأنهم ملكه -سبحانه وتعالى- وأنه لا فضل لأحدهم على آخر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ؛ فيتواضعون لربهم، ويخضعون له ويخشعون.
كذلك أيضا يعرفون أن هذه اللبسة شبيهة بلبسة الموتى، شبيهة بأكفان الميت، الميت إذا خرج من الدنيا يلف في مثل هذا اللباس، يلف في ثوبين أو ثلاثة أثواب، يدرج فيها إدراجا، فيتذكر الذي يلبس هذا اللباس يتذكر أن هذا شبيه بلباسه إذا خرج من الدنيا، فيحمله ذلك على أن يتأهب، ويأخذ الأهبة، ويستعد للرحيل، يستعد للموت ولما بعد الموت.
كذلك أيضا في هذا اللباس حكمة عظيمة، وهي أن يشعر بأنه ولو ملك ما يملك من الدنيا فإن ذلك كله زائل وذاهب عنه، وأنه لا يبقى معه إلا عمله، وإنما لبس هذا لأجل أن يستر بدنه، لا شك أن هذا من حكم الله تعالى الحكم العظيمة التي بينها وأخبر بأهميتها، والتي شرعها لأجل أن يتأهب العباد ويعرفوا.

line-bottom