إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
178957 مشاهدة print word pdf
line-top
الحج وإخلاص الدين لله تعالى

كما أن نتواصى أيضا بإخلاص الدين لله تعالى. الإخلاص هو أن يريد الإنسان بعمله وجه الله والدار الآخرة، ولا يريد بذلك رياء ولا سمعة، ولا يريد بذلك تمدحا ولا يريد بذلك ذكرا وثناء بين الناس، ولا يريد بذلك مصالح دنيوية حتى يكون عمله خالصا.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الإخلاص في العمل، وينهاهم أشد النهي عن ما يفسد ذلك من الرياء الذي هو مراءاة الناس بأعمالهم؛ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سمع؛ سمع الله به، ومن راءى؛ راءى الله به ؛ يعني فضحه أمام الناس.
ويقول الله في الحديث القدسي: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشك فيه معي غيري تركته وشركه ويقول في حديث آخر: إن الله يقول للذين يراءون بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فانظروا هل تجدون عندهم من ثواب أعمالكم شيئا ؛ المعنى إنكم لا تجدون عندهم شيئا، وأن العمل الذي خالطه شرك؛ يحبط ويبطل ثوابه، ولا يبقى له ثواب والعياذ بالله.
وقد توعد الله تعالى الذين يراءون بالويل في قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ؛ يعني يراءون الناس بأعمالهم، ويراءون الناس بصلواتهم فلهم الويل يوم القيامة.
وكذلك ذكر أن الرياء من صفات المنافقين فقال تعالى: وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ فكذلك أيضا يكون هذا الرياء مفسدا للأعمال التي يقارنها كالحج والجهاد ونحوه.
ورد أن رجلا قال: يا رسول الله، الرجل يقاتل حمية، ويقاتل رياء أو يقاتل ليرى مكانه، أو يقاتل للمغنم. أي ذلك في سبيل الله؟ فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله ؛ يعني: أن هذا الذي قاتل لنصر الله ولنصر دينه هو الذي يكون قتاله في سبيل الله، وهو الذي يثاب أجر المجاهدين.
كذلك أيضا ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم ذكر الثلاثة الذين أول ما تسعر بهم النار: رجل قاتل رياء، فذكّره الله بنعمه فقال: ما فعلت، فيقول: قاتلت في سبيلك حتى قتلت، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال جريء، أو ليقال شجاع. والذي أنفق أمواله رياء وسمعة، فيقول الله: إنك أنفقت ذلك ليقال جواد، أو ليقال كريم فقد قيل أي ليس لك إلا ما قاله الناس.
يعني: أن الذي يعمل العمل لأجل أن يمدحه الناس، ويثنوا عليه؛ فإنه يبطل عمله، وكذلك القارئ أو العالم الذي يتعلم ويقرأ حتى يقول الناس: هذا قارئ أو هذا عالم؛ ليس له إلا ما قاله الناس، فيكون عمله لغير الله.
فنتواصى بأن يكون حجنا لله، ولوجه الله، لا نريد به رياء، ولا سمعة ولا تمدحا، ولا نتمدح في المجالس بأن يقول أحد: أنا قد حججت عشرين حجة أو ثلاثين، أو أنا أحج كل عام، أو كل عامين، يريد بذلك إن يكثر ثناء الناس ومدحهم له في الأماكن والمجالس؛ فإن هذا حظه من عمله والعياذ بالله.
وكذلك أيضا الذين يحجون لمصالح دنيوية لم يكن الذي حملهم على الحج هو إرادة وجه الله تعالى وإنما حملهم على ذلك كونهم يطلبون مصالح دنيوية، هؤلاء أيضا ممن يحبط عملهم.
ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة يعني الذي يحب لأجل الدرهم ويبغض لأجله، ويوالي لأجله ويعادي لأجله، ويعطي ويمنع لأجله،؛ يحب الناس لأنهم أعطوه، ولا يحبهم لدينهم ولا لعباداتهم؛ ويبغضهم لأنهم منعوه أو حرموه؛ فهذا يعتبر عبدا للدنيا.
بكل حال نقول: إن هذا يحمل المسلم على أن يكون مخلصا لله تعالى، وأن يكون عمله يريد به وجه الله حتى يسلم عمله مما يفسده، سواء الحج أو غير الحج.

line-bottom