شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح كتاب الآجرومية
96972 مشاهدة
النوع الأول من المعرب بالحروف: المثنى

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، قال المؤلف -رحمنا الله تعالى وإياه- والذي يعرب بالحروف أربعة أنواع: التثنية، وجمع المذكر السالم، والأسماء الخمسة، والأفعال الخمسة، وهي: يفعلان، وتفعلان، ويفعلون، وتفعلون، وتفعلين.
فأما التثنية فترفع بالألف، وتنصب وتخفض بالياء.
وأما جمع المذكر السالم، فيرفع بالواو، وينصب ويخفض بالياء.
وأما الأسماء الخمسة فترفع بالواو، وتنصب بالألف، وتخفض بالياء.
وأما الأفعال الخمسة فترفع بالنون، وتنصب وتجزم بحذفها.


هكذا هذه الأقسام الأربعة تعرب بالحروف، أي: أن علامة الإعراب فيها حرف من الحروف. الحروف التي تعرب بها هي: الألف، والواو، والياء، والنون. هذه تسمى حروف الإعراب.

التثنية: الاسم المثنى، تعريفه: أنه لفظ دل على اثنين، وأغنى عن المتعاطفين بزيادة في آخره، صالح للتجريد وعطف مثله عليه. كلمة واحدة تدل على اثنين، سواء كانا علمين كالزيدان، أو غير عَلَمين: كالرجلين والمسجدين والكتابين. هذه الكلمة تدل على اثنين. إذا قلت: معي كتابان، دل على أنهما اثنان.
لقيت رجلين: دل على أنهما اثنان. لفظ دل على اثنين، وأغنى عن المتعاطفين: يغني عن قولك: عندي رجل ورجل، تقول: رجلان أسهل وأخصر. أو معي كتاب وكتاب. إذا قلت: كتابان اختصرت الكلام، أو: كلمت الزيدين، أخصر من أن تقول: كلمت زيدًا وزيدًا. لفظ دل على اثنين وأغنى عن المتعاطفين بزيادة في آخره، الزيادة التي في آخره هي الألف والنون إذا كان مرفوعا الزيدان؛ لأن أصله ثلاثة حروف- زيد - فإذا أردت أن يكون مثنى زدت في آخره ألفا ونونا فقلت زيدان، رجل: رجلان، زدت في آخره ألفا ونونا إن كان مرفوعا، أو ياء ونونا: رجلين، كتابين، ثوبين. الياء أو الألف هي علامة الإعراب، لماذا جعلناها علامة الإعراب؟ لأنها هي التي تتغير.
وقد تقدم أن الإعراب هو تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها. فالنون لا تتغير، النون في الرجلين والكتابين والثوبين ما تتغير، بل هي مكسورة وثابتة، والذي يتغير هو الذي قبلها، وهو أنه إن كان مرفوعا جعلت قبل النون ألفا، فقلت: هذان رجلان، وهذان كتابان، وعند فلان الزيدان، وإن كان منصوبا أو مخفوضا جعلت قبل النون ياءً: رأيت الرجلين، اشتريت الكتابين، ونظرت إلى الثوبين، أو لبست الثوبين، وجلست إلى الزيدين.
هذا هو التغير، التغير حصل في الياء، جيء بالياء بدل الألف، بدل الزيدان: الزيدين. فإذا قلت مثلا: جاء الزيدان، وعندي كتابان، فإنك تقول: كتابان، أو الزيدان، مرفوع وعلامة رفعه الألف؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد؛ لأنها لا تتغَيَّرُ. والاسم المفرد تدخل عليه الحركة على آخره، ويدخل عليه التنوين: رجلٌ رجلًا رجلٍ، كتابٌ كتابًا كتابٍ. فالتنوين لا يدخل على المثنى، النون عِوَضٌ عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد.
وهكذا إذا كان مجرورا وهو مثنى: مررت بالرجلين، وقرأت في الكتابين. فتقول: مجرور، وعلامة جره، أو مخفوض - على تعبير الصنهاجي - وعلامة خفضه: الياء؛ لأنه مثنى. وقد يقال: علامة خفضه، أو علامة جره الياء المفتوح ما قبلها، المكسور ما بعدها؛ لأنه مثنى، والنون عوض عن الحركة والتنوين في الاسم المفرد. هذا هو المثنى، يرفع بالألف: الزيدان والرجلان، وينصب بالياء: رأيت الرجلين- منصوب- وكلمت الزيدين، واشتريت الكتابين، ويجر أي يخفض بالياء: قرأت في الكتابين، وجلست إلى الرجلين. هذا مخفوض.