جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شرح نظم البرهانية
69507 مشاهدة
من حجب النقصان: الانتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه

الرابع: انتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه؛ مثاله: الأخت الشقيقة إذا كانت مع البنت، أليست تأخذ النصف تعصيبا؟ الأخوات مع البنات عصبات؛ وهذا مما فاتنا أن نبينه، عندنا -مثلاً- بنت وعندنا أخت. البنت لها النصف فرضًا، والأخت لها الباقي تعصيبًا؛ النصف انتقل -يعني- ورثت النصف تعصيبًا. لو كان معها أخوها لورثت معه بالتعصيب؛ ولكن أقل، النصف الباقي الذي كانت تأخذه وحدها تعصيبًا مع الغير صارت تأخذه مع أخيها تعصيبًا بالغير، فلا يحصل لها إلا سدس المال؛ فيسمى هذا تعصيبًا مع الغير.
كانت تأخذ النصف تعصيبًا وصارت الآن ما تأخذ إلا السدس تعصيبًا، انتقلت من تعصيب كثير إلى تعصيب أقل منه. هذه العصبة مع الغير هم البنات يعصبن الأخوات.
وكذلك بنات الابن يعصبن الأخوات شقائق أو لأب، فإذا كان في المسألة بنت أو بنت ابن فإن الأخت ترث ما بقي بعد أهل الفروض -قليلاً أو كثيرًا- ويسمى عصبة مع الغير، فصارت الأخت ترث بالتعصيب بالغير، وترث بالتعصيب مع الغير. إرثها بالتعصيب مع الغير -أي- مع البنات أو بنات الابن، ما بقي من المال فهو للأخت أو للأخوات -قليلاً أو كثيرًا- أكثر ما يبقى النصف.
بنت، وأخت. هذه فرض وهذه تعصيب، بقي لها النصف أخذته تعصيبًا؛ فإن بقي أقل من النصف أخذته. إذا كان عندنا بنت، وأم، وزوجة. أو بنت، وأم، وزوج, وأخت. البنت لها النصف؛ ستة، والأم لها السدس -هذه ثمانية- والزوج له الربع -هذه أحد عشر- بقي عندنا نصف السدس تأخذه الأخت تعصيبًا، نسميه تعصيبًا مع الغير.
وكذلك إذا كان عندنا بنتان؛ بنتان، وأم، وزوجة. البنتان لهما الثلثان -ستة عشرة من أربعة وعشرين- والأم لها السدس -أربعة، هذه عشرون- والزوجة لها الثمن -ثلاثة هذه ثلاثة وعشرون-. ماذا بقي؟ واحد، ثلث الثمن تأخذه الأخت الشقيقة ونسميه تعصيبًا مع الغير، فهي ترث تعصيبًا بالغير وترث تعصيبًا مع الغير؛ فقد يكون هذا أكثر وقد يكون هذا أكثر، فتنتقل من إرث بالتعصيب الكثير إلى إرث بالتعصيب القليل. هذا انتقال من تعصيب إلى تعصيب أقل منه. هذا القسم الذي هو حجب نقصان.