إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح نظم البرهانية
69544 مشاهدة
من مستحقي النصف: بنت الابن

الثالث: بنت الابن. تقوم مقام البنت عند عدم البنت، ترث النصف بثلاثة شروط: عدم الشريك، وعدم المعصب، وعدم الفرع الوارث الذي أعلى منها. قد عرفنا الشريك أنه أختها؛ ولكن قد تشاركها بنت عمها التي في درجتها. وعرفنا المعصب أنه أخوها، أو ابن عمها الذي في درجتها. وأما الفرع الوارث الذي أعلى منها فهم أولاد الميت: ابنه، أو بنته، أو أبناؤه، أو بناته؛ فإنهم إما أن يحجبوها، وإما ألا ترث إلا السدس.
بنت الابن تأخذ النصف بثلاثة شروط عدمية: عدم الشريك، وعدم المعصب، وعدم الفرع الوارث الذي أعلى منها. لكن الشريك تشاركها أختها، وتشاركها بنت عمها التي في درجتها. مثلا رجل له ابنان؛ أحدهما: اسمه سعد، والآخر: اسمه سعيد. مات سعد وله بنت في حياة أبيها. مات سعيد وله بنت في حياة الأب. مات أبو سعيد وأبو سعد. وهناك من يرثه: بنت سعد، وبنت سعيد. كل واحدة منهن تقول: هذا جدي. في هذه الحال.. هل واحدة منهن تأخذ النصف؟ ما تأخذ واحدة النصف، يشتركن في الثلثين؛ وذلك لأنهن كل واحدة منهن يقال لها: بنت ابن، هذه بنت ابنه وهذه بنت ابنه؛ فيشتركن في الثلثين؛ مع أنهن لسن أخوات؛ ولكنهن بنات عم. هذه تقول: أنت بنت عمي سعيد. وهذه تقول: أنت بنت عمي سعد. اشتركن في الثلثين، والباقي -الثلث الباقي- للعصبة.
فبنت الابن؛ لو فرضنا -مثلا- أن سعيدا له بنتان، وسعدا له بنت، ومات جدهن؛ يشتركن في الثلثين. بنات سعيد لهن ثلثا الثلثين، وبنت سعد لها ثلث الثلثين، يقتسمنه على عدد رؤوسهن. لو أن -مثلا- بنات سعد خمس، وسعيد ما له إلا بنت؛ الجميع ست. يأخذن الثلثين، ويقتسمنه على عدد رؤوسهن. هذا معنى: أن بنت الابن تشاركها بنت عمها التي في درجتها، ويعصبها -أيضا- ابن عمها الذي في درجتها؛ ينقلها إلى التعصيب.
إذا فرضنا أن سعدا له ابن، وسعيدا له بنت. مات الجد أبو سعد ما له إلا ابن ابنة وبنت ابنة؛ كلاهما يرثان. فهل بنت سعيد تأخذ النصف؟ ما تأخذ النصف، يعصبها ابن عمها يأخذ هو وهي المال يقتسمانه؛ له سهمان، ولها سهم. يسمى هذا التعصيب -أي- أنه نقلها من الإرث -من إرث النصف- إلى الإرث بالتعصيب.
وهكذا -مثلا- لو كان لسعد خمسة أبناء، سعيد ماله إلا بنت ترث معهم، يقتسمون المال، يقسمونه أحد عشر سهما: أولاد سعد خمسة؛ كل واحد له سهمان، وبنت سعيد ما لها إلا سهم؛ السهم الحادي عشر، نقلوها إلى الإرث بالتعصيب. كذلك لو كان للميت أبو سعيد؛ لو كان له ابن موجود أسقط الجميع؛ أسقط بنات سعيد، وبنات سعد، أو أولادهم؛ لأنه يقول: أنا ابن الميت، وأنتم أبناء ابنه ما ترثون إلا بواسطة، وأنا ما بيني وبينه واسطة.
فإن كان أبو سعيد له بنت؛ فإنها تأخذ نصفها، والنصف الباقي لبنت سعيد إذا لم يكن إلا السدس؛ السدس لبنت سعيد. لو كان عندنا: بنت لسعيد، وبنت لسعد، وبنتٌ عمتُهم؛ أخت لسعيد وسعد. فبنت أبو سعيد تأخذ النصف، وأما بنت سعد وبنت سعيد فيشتركن في السدس، والباقي للعاصب.
وإن كان أبو سعيد: له بنتان، وله بنات ابن. له بنت سعيد، وبنت سعد، وله بنتان، وله ابن عم؛ فإن بنتيه لهن الثلثان، وتسقط بنت ابنه سعد، وبنت ابنه سعيد، الثلث الباقي يأخذه ابن العم. هذه فروض أو شروط إرث بنت الابن.