إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88283 مشاهدة
ورع جندب البجلي

وقال ابن جرير حدثنا يعقوب يعني ابن إبراهيم حدثنا ابن علية عن مهدي بن ميمون عن الوليد بن مسلم قال: جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله وهو جندب البجلي فسأله عن آية من القرآن فتوقف جندب وقال: أُحَرِّج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني، أو قال: أن تجالسني.
جندب من صغار الصحابة، ويمكن أنه ما تلقى تلك الآية مرفوعة، أو أنه كان من الذين يتوقفون عن تفسير الآيات فهذا الذي سأله توقف عن إجابته رضي الله عنه. ويمكن أنه عرف أنه من المبتدعة من الذين يتكلمون ببدعهم بآيات يستدلون بها، أو يجعلونها كدليل لهم على بدعهم.
وقد كان كثير من السلف رحمهم الله يتحاشون أن يسألوا المبتدعة أو يسمعوا من المبتدعة. روى ابن بطة في الإبانة آثارا عن كثير من السلف أن أحدهم يدعوه بعض المبتدعة يقول: اسمع مني آية، دعني أقرأ عليك آية من القرآن فيقول: قوموا لا أسمع منكم، ولا تقربوني. ثم لماذا؟ يقول: إني أخشى أن يحرفها، أو يذكر دلالتها على بدعته فيعلق بقلبي شيء مما يتعلق بتلك البدعة التي يتشبث بها.
فهاهنا جندب أقام ذلك السائل، وقال: أحرج عليك إن كنت مسلما لما قمت عني، أو قال: أن تجالسني.