تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88257 مشاهدة
الألفاظ المترادفة

يقول: إما لكونه متواطئا في الأصل والتواطؤ معناه أن يكون المعنى له عدة ألفاظ يعبر بها عنه، المعنى الواحد قد يكون له عدة أسماء، كأسماء الأسد، فإنها أسماء متواطئة: الأسد والهزبر والليث مسميات متواطئة؛ لأنها كأن العرب تواطئوا على تسميتها بعدة هذه الأسماء.
فالاشتراك اشتراك أكثر من واحد في لفظ واحد كقسورة، والتواطؤ كون المعنى الواحد يطلق عليه عدة أسماء، يقول: لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين، هذا المتواطئ مثل قوله تعالى: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى من المراد بالذي دَنَا فَتَدَلَّى قيل: إنه الملك دنا من النبي صلى الله عليه وسلم وتدلى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى وقيل: إن المراد به النبي محمد صلى الله عليه وسلم لما عرج به، أنه دنا من ربه وأنه كان قاب قوسين أو أدنى، واللفظ مشتمل يعني متواطئا.
ومثل الفجر في قوله تعالى: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قيل: إن المراد به الفجر يعني الصلاة وقيل: إن الفجر هو انفجار الصبح، والليالي العشر قيل: إنها ليالي عشر رمضان، وقيل: عشر ذي الحجة متواطئا يصلح كذا وكذا، والشفع والوتر الشفع هو العدد الزوج والوتر هو العدد الفرد، قيل: إن المراد بها الصلوات منها شفع ومنها وتر وقيل غير ذلك.
يقول: مثل هذا قد يجوز أن يراد به كل المعاني التي قالها السلف، وقد لا يجوز ذلك، فالأول إما أن يكون ذِكْرٌ للآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة يعني قد يراد أن الآية نزلت في مثل ثلاثة قروء نزلت في القروء التي هي الأطهار أو القروء التي هي الحيض وما أشبه ذلك، وكذلك أن التدني هو التدلي، إما أنه نزل مرة وأراد به النبي صلى الله عليه وسلم ومرة يراد به جبريل يمكن أن يكون هذا وهذا.
يقولون: إما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه، اللفظ المشترك الذي يطلق على هذا وهذا، كلفظة القروء مشتركة، ولفظة ( عسعس ) ولفظة قسورة هذه مشتركة، يجوز أن يراد به معنياه، ولهذا يقول بعضهم: إن المراد إقبال الليل وإدباره وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ يعني: أقبل وأدبر.
وقد جوز ذلك أكثر الفقهاء المالكية والشافعية والحنبلية وكثير من أهل الكلام جوزوا أن يراد باللفظ معنيان إذا كان يصلح له المعنيان، أهل الكلام هنا المتكلمون وأكثرهم من الحنفية، وإما لكون اللفظ متواطئا فيكون عاما إذا لم يكن لتخصيصه موجب رغم أن المتواطئ هو الأسماء المتعددة، الشيء الذي له عدة أسماء، فإن العرب تتوسع في كثير من الأسماء، كما ذكروا أنهم وضعوا للسيف ألف اسم، وللثعبان مائتين وللأسد خمسمائة، إن هذه هي الألفاظ المتواطئة فيكون عاما إذا لم يكن لتخصيصه موجب.