اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
88417 مشاهدة
التعريف بالحد المطابق والتعريف بالمثال

يقول: فإن التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطابق ، عرفنا الحد المطابق يعني تعريف الشيء بالحد الذي يحدد به، فإذا قيل مثلا: ما المراد بالصيام فيقال: هو إمساك مخصوص لشخص مخصوص عن أشياء مخصوصة، وإذا قيل: ما الحج؟ فيقال: هو قصد البيت الحرام في زمن مخصوص لأداء أعمال مخصوصة، يسمى هذا التحديد تعريفا، ويقال: ما السلم؟ فتقول: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد، فيقال: هذا تخصيص هذا تعريف بالحد، كما يقال: ما المراد بالثوب؟ فتقول: لباس يستر جزءا من البدن، من بدن الإنسان منسوج من قطن أو من صوف أو من كتان أو نحو ذلك، فهذا يسمى تعريفا بالحد.
وأما التعريف بالمثال كأن تأخذ واحدا من الثياب فتقول: هذا ثوب هذا هو الثوب، فالتعريف بالمثال يعني بالمشاهدة أبلغ، سيما للجهلة باللغة كالأجانب ونحوهم، يقول: العقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن إذا أشير له إلى رغيف فقيل: هذا هو الخبز، أو أشير له مثلا إلى البيت إذا كان مثلا لا يعرف مسمى البيت فيقال: هذا بيت، قد يجيء كثير من هذا الباب.