الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين
294756 مشاهدة
يحافظ على الأذكار ومع ذلك يصيبه مكروه

السؤال: س73
رجل يحافظ على الأذكار، ومع ذلك يصيبه مكروه، فهل يمكن أن يبطل عمل الأذكار؟
الجواب:-
لعل المراد أن هذا الرجل يقع في بعض المكروهات، أو يعمل المعاصي، ويخشى أن يحبط عمله الذي من جملته الأذكار اليومية، وعلى هذا ننصحه بالاستمرار على الأذكار والأوراد ، والإقلاع عن المكروهات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، ومتى تاب فإن الله يمحو عنه السيئات، ويضاعف له الحسنات، ولا يقنط من رحمة الله، ولا يدع العمل الصالح.
وإذا كان القصد أن هذا الرجل محافظ على الأوراد، ومع ذلك تصيبه بعض العقوبات والمصائب البدنية والمالية، ويخشى أن أذكاره باطلة؛ حيث لم تؤثر في حفظه وحمايته، فإنا نقول له لا تخف، فإن المصائب والابتلاء تصيب الأنبياء والصالحين، ولا ينقص ذلك من حسناتهم، ولا يدل على أن أذكارهم لم تقبل ،بل إن ذلك لرفع درجاتهم، ومضاعفة جزائهم.