الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح نظم البرهانية
70703 مشاهدة
السبب الثاني: الولاء

السبب الثاني: الولاء. ويراد به: ولاء العتاقة. إذا أعتق عبده فذلك العبد يكون مولى له كأنه من أحد أقاربه؛ فيرثه هو وعصبته الذكور -يعني- أولاده الذكور وأولادهم؛ إن لم يكن له أولاد ذكور فإخوته -يعني- الأقارب؛ يرثه هو وأقاربه؛ لأنه الذي أنعم عليه. النعمة بالعتق نعمة كبيرة كما حصل لزيد بن حارثة قال الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بالإسلام، وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ بالعتق. وأمر –تعالى- بدعائهم لآبائهم، وكانوا -أولًا- إذا أعتق عبده انتسب إليه. لما أعتق النبي -صلى الله عليه وسلم- زيدًا كانوا يدعونه زيد ابن محمد ؛ حتى أنزل الله ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وقال: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ أي: هذا الدعي الذي تدعونه ابنه ليس ابنًا له، وليس من أبنائه؛ ولكنه من الموالي. ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ .
فالعبد الذي يعتقه سيده يكون بينهما قرابة تسمى الولاء، ويقول في الحديث: الولاء لمن أعتق ويراد به: موالاة العتيق لمن أعتقه؛ بحيث يكون كأنه من القبيلة، كأنه واحد من هذه القبيلة. جاء في بعض الآثار: الولاء لحمة كلحمة النسب؛ لا يباع ولا يوهب ولا يورث ، وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وهبته كما لا يجوز بيع النسب. لا يجوز أنك تقول: يا فلان أبيعك قرابتي من أخي، هذا أخي الذي هو ابن أبي لا حاجة لي في قرابته، أبيعك قرابته؛ حتى يكون أخًا لك؛ حتى يكون مناصرًا لك، لا حاجة لي في قرابته. هل يجوز؟ لا يجوز بيع النسب.
وكذلك بيع الولاء، إذا أعتقت عبدك هذا، وأصبح مولى لك فلا يجوز أن تجيء إلى إنسان وتقول: بعتك قرابتي من هذا العبد الذي أنا أعتقته، لا حاجة لي في قرابته، اشتر مني قرابته، أو وهبت لك قرابته فلا يجوز. ويقولون في تعريفه: أنه عصوبة سببها نعمة المعتق على رقيقه بالعتق؛ فيرثه هو وعصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم.
العصبة الذكور. عصوبة -يعني- قرابة. العصبة في الأصل: هم قرابة الرجل، إخوانه وأولاد إخوانه وأعمامه وأعمام أبيه وأبناءهم وأبناء أبناءهم. لماذا سموا عصبة؟ لأنهم يحمونه كأنهم عصابة يتعصبون حوله -يعني- يتحلقون حوله. ومنه سميت العصابة التي على الرأس؛ لأنها مستديرة، فالإنسان -مثلًا- إذا كان خائفًا تعصب أقاربه حوله -يعني- استداروا حوله؛ فلذلك سموا عصبة. ثم بعد ذلك تسمى حميتهم تعصبًا، يقال: تعصب آل فلان لفلان، أو بينهم عصبية، وفي الحديث: ليس منا من مات على عصبية، وليس منا من دعا إلى عصبية .
فالحاصل.. أن هذا الولاء يعتبر قريبًا لهذا المعتق؛ فيرثه إذا مات. وقال بعض العلماء -أيضًا- إنهم يرثونه، وإنه يرثهم. لو مات المعتق، وله مال، ولا يعرف له قرابة، وليس له أحد يرثه بالنسب؛ فإن عتيقه أولى به؛ لأنه يعتبر من العصبة. هذا العبد الذي أعتقته أصبح قريبًا لك؛ فترثه ويرثك إذا لم يكن هناك نسب.