الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح كتاب الآجرومية
100342 مشاهدة
النوع الرابع والخامس: المنادى المضاف والشبيه بالمضاف

...............................................................................


النوع الرابع: المضاف. المضاف هو: الذي يضاف كلمة إلى كلمة، ومنه الأسماء المعبدة فإنها منصوبة. فأنت إذا دعوتها؛ إذا دعوت المعبد نصبت الأول فتقول: يا عبدَ الله ولو كنت تقصد رجلا معينا، يا عبدَ العزيز، يا عبدَ الرحمن، يا عبدَ الكريم، يا عبدَ اللطيف، ولا تقل: يا عبدُ الله. من قال ذلك فقد لحن؛ ذلك لأن هذا مركب يعني المضاف والمضاف إليه اعتبر ككلمة واحدة، فناسب أن المضاف الأول المنادى ينصب ويكون الذي أضيف إليه مجرورا بالإضافة. ومثله أيضا الذي إضافته غير لازمة نحو: يا غلامَ زيد، يا صاحبَ البيت. هذا أيضا شبيه بالمضاف.
ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث جمع بين العلم وبين المضاف في كلمة واحدة. فيرفع العلم وينصب شبيه المضاف. هذا هو الصحيح. في الحديث الذي ذكرنا أنه عليه السلام قال: يا عباسُ بنَ عبد المطلب يا عباسُ مبني على الضم، ابْنَ منصوب لأنه شبيه بالمضاف، ابنَ عبد المطلب يا صفيةُ عمةَ رسول الله لا تقل: عمةُ، وذلك لأن صفية اسم علم منادى وعمة مضاف؛ فتقول يا صفيةُ عمةَ رسول الله. يا فاطمةُ بنتَ محمد ولا تقل: بنتُ؛ وذلك لأنه شبيه بالمضاف، فالأول اسم علم يا فاطمةُ والثاني شبيه بالمضاف.
ولو قلت مثلا: يا طالعا جبلا؛ هنا أيضا شبيه بالمضاف، لأنه لا بد أن تكون الكلمتان مجتمعتين. لو قلت: يا طالع؛ وأنت تقصد شخصا لضممته. وإذا كنت تقصد غير معين قلت: يا طالعا. كما تقول يا طائعا ربه، أو يا عابدا لله. فمثل هذا شبيه بالمضاف. فالمضاف مثل: يا غلامَ زيد، يا عبدَ الله، يا صاحبَ البعير، يا قائدَ السيارة، وما أشبهها. وأما غير الشبيه بالمضاف مثل: يا بنتَ رسول الله، يا عمةَ رسول الله، يا بنتَ محمد فهذا يقال له شبيه بالمضاف، فهو منصوب منون.