إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح كتاب الآجرومية
100344 مشاهدة
رُبَّ

...............................................................................


وأما رُبَّ فهي حرف تقليل، يعني: تُسْتَعْمَلُ لتقليل الشيء الذي تدخل عليه، فتقول: رُبَّ رجلٍ صالحٍ لقيته، كأنك تقول: تمدحه، ولا تدخل إلا على النكرات، وهي حرف تقليل، وحرف تنكير، الاسم الذي تدخل عليه فإنه نكرة، والنكرة: كل اسم شائع يصلح لعدد من المسميات، بخلاف المعرفة، يأتينا في باب النعت، ثم إذا قلت: رُبَّ رجلٍ صالحٍ، قلت: رُبَّ: حرف تقليل، رجلٍ: اسم مجرور برُبَّ، وصالحٍ: صفة له، والصفة تتبع الموصوف في إعرابه، فتبعه في الجر، لقيته فعل وفاعل ومفعول، حد الفعل: لقي والتاء: ضمير متصل محله رفع على أنه فاعل، والهاء في لقيته: ضمير متصل أيضا، محله نصب على أنه مفعول به.
وأفادتنا رُبَّ ثلاثة أشياء: اسمية مدخولها، والحكم عليه بالجر، وأمرا معنويا وهو التقليل، فإن العادة أن الصالح أقل من الطالح، وكأنك وصفته بكونه صالحا لتدل على أنه قليل، رُبَّ رجل صالح لقيته.