القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح كتاب الآجرومية
100362 مشاهدة
القيد الأول: اللفظ

فأولها: اللفظ: اللفظ في اللغة -يعني عند العرب- اسم للطَّرْح والرَّمْي، ومنه قولهم: أكلت التمرة، ولفظت النواة، أي: طرحتها، نواة التمر التي في وسطها لا تؤكل، أكَلَ التمرة ولفظ نواتها، أطلق على هذا لفظًا، ويُقَال مثلا: فلان مضغ اللحم ثم لَفَظَه، يعني: طرحه من فمه، فاللفظ هو: الطَّرْحُ، ومنه أيضا قولهم: لَفَظَتِ الرَّحَى الدقيق، الرَّحى: التي يُطْحَنُ عليها، يدخل فيها الْحَبُّ- الْبُرُّ حَبًّا- ثم تلفظه دقيقا، فيُسَمَّى هذا لفظا، هذا اللفظ عند العرب، في لغة العرب.
ولكنِ النحويون أرادوا باللفظ هو: الكلمات التي تخرج من الفم: الكلام الذي هو الحروف، جعل الله له مخارج، هذا الفم يخرج منه ثمانية وعشرون حرفا، وهي التي يتكلم بها الناس، فيقولون: اللفظ: هو الصوت الخارج من الفم، يدفعه النَّفَسُ, المشتملُ على بعض الحروف الهجائية، التي أولها الألف، وآخرها الياء.
الصوت المشتمل على الحروف الهجائية التي أولها الألف وآخرها الياء، يعني: التي اصطلحوا على كتابتها وبدءوها بالألف، وختموها بالياء اصطلاحا، وهي الثمانية والعشرون حرفا التي أحصوها وصار الكلام منحصرًا فيها، وكل منها له مخرجٌ، بعضها يخرج من الشفتين، كالباء والميم والواو والفاء، وبعضها من اللسان: كاللام والدال والثاء ونحوها، وبعضها من الْحَلْق: حروف الحلق الستة وأشباهها، فهذه الحروف إذا اشتمل الكلام على بعضها سُمِّي لفظا.