(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الأول
93767 مشاهدة
ما يجب في الإبل إذا بلغت ستا وثلاثين حتى إحدى وستين

وفي ست وثلاثين بنت لبون؛ ما تم لها سنتان؛ لأن أمها قد وضعت غالبا فهي ذات لبن. وفي ست وأربعين حِقَّة؛ ما تم لها ثلاث سنين؛ لأنها استحقت أن يطرقها الفحل وأن يحمل عليها وتركب. وفي إحدى وستين جذعة -بالذال المعجمة- ما تم لها أربع سنين؛ لأنها تجذع إذا سقط سنها، وهذا أعلى سن يجب في الزكاة.


إذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون، ولا شيء فيما بينهما. من كان عنده خمس وعشرون فعليه بنت مخاض، ومن كان عنده خمس وثلاثون فعليه بنت مخاض. هذه العشر تسمى وَقْصًا؛ لا تزيد بها الزكاة، فإذا زادت واحدة تمت ستا وثلاثين تعين السن الثاني وهو: بنت لبون. لماذا سميت؟ لأن أمها غالبا قد وَلَدَتْ, فهي ذات لبن، وليس كون أمها ذات لبن بشرط؛ بل يجزئ ولو لم يكن بها لبن، وإنما عُرِّفَتْ بأغلب أحوالها.
بنت اللبون: ما تم لها سنتان هذا تعريفها. ومن ست وثلاثين إلى خمس وأربعين هذا وَقْصٌ؛ لا شيء فيه، إذا تمت ستا وأربعين انتقل إلى السن الثالث وهو الْحِقَّة.
الحقة تجب في ست وأربعين وهي التي تم لها ثلاث سنين؛ سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل, يعني: بلغت من الكبر ما تحتمل أن يطرقها الفحل، وأن يُحمل عليها وأن تركب؛ لأنها قد بلغت السن الذي يقرب من ذلك، وإن كان تمام ذلك خمس سنين وهي التي تجزئ في الأضاحي, وتبقى كذلك إلى إحدى وستين. هذا الوقص خمس عشرة ما بين ست وأربعين إلى ستين وقص، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة أي: في إحدى وستين. الجذعة هي: التي تم لها أربع سنين ؛ وسميت بذلك لأنها تجذع يعني: تسقط ثنيتها الأولى, وتنبت لها ثنية طويلة وثنيتان، فهي التي تسمى جذعة، وهذا أعلى سن يجب في الإبل، ولا يجب إلا مرة واحدة، الجذعة ما تجب إلا في إحدى وستين؛ الجذعة مرة واحدة من إحدى وستين إلى خمس وسبعين، كما أن بنت مخاض لا تجب إلا مرة واحدة؛ من خمس وعشرين إلى خمس وثلاثين، ما تتكرر, بخلاف بنت اللبون والْحِقَّة فإنها تتكرر. نعم.