جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الأول
93877 مشاهدة
وقت التعزية

ولا تعزية بعد ثلاث.


هكذا قالوا؛ ذلك لأن فيه شيئا من تذكير المصيبة، ولكن لعل الأولى: الجواز, أنه يجوز بعد ثلاث، إذا عُرِف أن حر المصيبة باقٍ, سيما إذا كان مع ذلك دعاء للميت وترحم عليه، ولو بعد أسبوع ولو بعد نصف شهر أو شهر؛ وذلك لأنه ليس كل أحد يقدر على الوصول إليه في الثلاث، وكثيرا ما تكون التعزية بالكتابة, والكتب بالزمن القديم لا تأتي إلا بعد مدة؛ بعد عشرة أيام, أو عشرين يوما لبُعْدِ المسافة، متى يأتي الخبر مثلا إذا كان قريبه الميت في الطائف مثلا وهو في المدينة لا يأتيه الخبر إلا بعد نصف شهر، ثم إذا أرسل تعزيته فلا تأتي إلا بعد نصف شهر أو نحو ذلك. كانوا كثيرا ما يرسلون التعزية بالكتب، وعزَّى بعضهم أخا له ببيتين يقول فيهما:
إنا نعزيـك لا إنا على ثقـة
مـن الحيـاة ولكـن سنة الديـن
فلا الْمُعَـزَّى بباقٍ بعـد مَيِّته
ولا الْمُعَـزِّي وإن عاشـا إلى حين
نعم.