الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الأول
93848 مشاهدة
المشي أمام الجنازة

ويسن كون المشاة أمامها, قال ابن المنذر: ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة. وكون الركبان خلفها لما روى الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: الراكب خلف الجنازة وكُرِه ركوب لغير حاجة وعودٌ.


يقول: العادة أنهم إذا صلوا على الجنازة في المسجد، أو ذهبوا بها للصلاة عليها في البقيع أو في المقابر يحملها بعضهم، والبقية لا يحملون, بل يسيرون خلفها، وكثير منهم قد يركب على دابة -كحمار مثلا, وجمل, وحصان- لعجزه مثلا, أو لبعد المكان، والكثير الآخرون يَسيرون على أقدامهم.
أين يسير الركبان؟ يقولون: الْأَوْلى أنهم يسيرون خلفها، والمشاة أمامها, والركبان خلفها, هذا اختيار بعض الفقهاء؛ كأنهم يقولون: إن الركبان لا يتعبون فلهم أن يسيروا بتؤدة، وربما مثلا تعبوا -تعب الذين يحملونها- فينزل بعض الركبان ويحملونها لكونهم قد أراحوا أنفسهم. وقال بعضهم: بل هما سيان؛ يعني: يجوز أن يكون الراكب خلفها أو أمامها, والماشي يجوز أن يكون خلفها أو أمامها، وإنما النقل في ذلك فعل وليس فيه قول, فكونهم مثلا رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة وبعض أصحابه يمشون خلفها لا يدل ذلك على أن ذلك من السنة وأنه مُطَّرِد؛ لأنه روي أيضا أنهم مرة من المرات يسيرون أمامها, فدل على أنه يجوز أحيانا أن يكون الراكب أمامها وأحيانا يكون خلفها.
وكذا يقال في الماشي: أن يكون الماشي خلفها أو أمامها حسب ما تقتضيه الحال؛ وذلك لأن بعض المشاة قد يكون نشيطا فلا يضره أن يكون في مقدمتها، والآخر قد يكون متوانيا أو متثاقلا, فلا يتيسر له إلا كونه خلفها والكل فيه سعة.
أما متى يباح له الركوب؟ يقولون: إذا رجع فله أن يركب، إذا رجع من المقابر بعد الدفن فله أن يركب، وله أيضا أن يركب إذا كان كبير السن أو مريضا، وله في هذه الأزمنة أن يركب لِبُعْد المسافة؛ يعني: بُعد المكان يعوزه إلى أن يركب لمشقة قطع الطريق -قطع الطريق على الأرجل-. فالحاصل أنه يجوز الركوب ويجوز المشي، ولكن المشي الأفضل إلا لعذر, كمرض مثلا أو بُعْدِ مكان.