(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
تفسير سورة الكهف
28859 مشاهدة
تفسير قتل الغلام

ذكر بعد ذلك الغلام: وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا الغلام الذي قتله كان طُبِعَ يوم طبع كافرا، أطلع الله تعالى الخضر على أنه لو عاش لكان كافرا، مع أن قتل الصبيان لا يجوز في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل الصبيان والنساء ؛ يعني: في الحرب؛ لأنهم بعد الاستيلاء عليهم يكونون مماليك أرقاء للمسلمين، ومع ذلك فإن قتله إذا كان لمصلحة جائز، فالخضر أعلمه الله بأن أبوي هذا الغلام صالحان، أمه وأبوه كانا صالحين مؤمنين من أهل التقى، وأنه طبع كافرا، خلقه الله وطبعه على الكفر، ولو عاش لأوقعهما في الكفر، وأرهقهما طغيانا وكفرا، أرهقهما يعني: أوقعهما، رهق الشيء: يعني وصل إليه، أرهقني الشيء: يعني أتعبني، فأوصلني إلى حالة لا أستطيع فيها الصبر، والطغيان: هو مجاوزة الحد. يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا يعني: يوصلهما، ويوقعهما في الطغيان: الذي هو التكبر، والإعجاب، والوقوع فيما نهى الله تعالى عنه.
طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً يعني: طلب من الله أن يعوضهما بدل هذا الغلام، أفضل منه. يعني: ولدا أفضل منه ذكرا، أو أنثى خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً والزكاة ها هنا: هي الصلاح؛ يعني: أن يكون زكيا، كما في قوله فيما حكى الله عن زكريا قال: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ غلاما زكيا. أي: يكون من أهل الزكاة، وليس المراد: أنه يزكي نفسه. يعني: يمدح نفسه بل المراد: أنه يكون خيرا منه، فهما، وخيرا منه إدراكا، وإيمانا، ومعرفة، هكذا طلب، ذكر بعض المفسرين أن الله تعالى وهب لهما جارية صالحة مصلحة، أعانت أبويها على الصلاح، وعلى الاستقامة والثبات، ويمكن أن الله رزقهما أيضا أولادا ذكورا، كانوا صالحين مصلحين؛ استجابة لدعوة هذا العبد الصالح، الذي هو الخضر خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا يعني: أقرب إلى أن يكون شفيقا على أبويه، رحيما بهما، يرحمهما، ويدعو الله تعالى لهما بذلك، ويقول: رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .