لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
تفسير سورة الكهف
28871 مشاهدة
مدة اللبث في الكهف والحكمة من طولها

في حديثهم أنهم لما دخلوا في أهل الكهف، ضرب الله على آذانهم، يعني: أنامهم.
يقول: فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ وهذه آية وكرامة، أمر مستغرب؛ كيف أنهم لما دخلوا ذلك الكهف، واضطجعوا فيه ناموا، وأخذت أرواحهم، وبقوا على أماكنهم ومضطجعهم سنين عددا؟ قيل: إنها ثلاثمائة سنة، وقيل: أكثر من ذلك أو أقل.
يقول تعالى في آخر القصة: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا يقول بعض المفسرين: إن هذا من مقالة أهل البلد الذين اختلفوا في عددهم، فذكر بعضهم أن لبثهم ثلاثمائة، وقيل: ثلاثمائة وتسع سنين، وقيل: إنه خبر عن الله تعالى أخبر عن مدة لبثهم؛ أن لبثهم ثلاثمائة سنة، وقيل: ثلاثمائة وتسع، وجمع بينهما بأن من قال: ثلاثمائة أراد سنين شمسية. السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما، والسنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما، فإذا حسبنا هذه المدة كان في كل مائة سنة شمسية زيادة ثلاث سنين، ففي ثلاثمائة زيادة تسع سنين، فهذا معنى: ازدادوا تسعا. أي: بالسنة القمرية، هذا قول أكثر العلماء؛ أنهم أماتهم الله تعالى هذه المدة.
فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ أي: بعد هذه المدة، بعدما مضى ثلاثمائة وتسع سنين بالسنين القمرية، بعثناهم. لماذا؟
لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا أي: الحكمة من بعثهم أن يَعْلَمَ اللَّهُ عِلْمَ ظُهُورٍ، أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا وكأن في البلاد حزبين، يعني: طائفتان، ولم يذكر الخلاف أو الفارق، والفاصل بين الحزبين، يعني: مؤمنون وكفار، أو طائفتان؛ أقارب لهم، وأجانب عنهم، أو أحزاب، يعني: متحزبة، بمعنى أن كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ يعني: فرق متفرقة في عباداتهم أو معتقدهم أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أي الطائفتين أعرف بما لبثوا، أيهم أقدر على معرفة مدة لبثهم بما لبثوا أمدا، لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا .