شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
تفسير سورة الكهف
49800 مشاهدة print word pdf
line-top
أهل الكهف فتية ثبتهم الله على الحق

هكذا أخبر الله تعالى، ثم أخبر تعالى بأنهم فتية، يعني: من الفتيان الذين هم في مستقبل شبابهم، نحن أعلم... أخبر تعالى: بأنه أعلم بهم، وبأحوالهم، وبما يكون من أمرهم، وأن الناس اختلفوا في أمرهم. ذكر الله تعالى أنهم فتية آمنوا بربهم، وأنه ربط على قلوبهم، وأنهم اختاروا هذا الإيمان، وأنهم دعوا الله تعالى بهذه الأدعية، دعوا الله بقولهم: رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ يعني: قصصا صحيحا ليس فيه تَخَرُّصٌ، وليس فيه ظن، كما يظنه الْقُصَّاصُ ونحوهم.
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ لم يُذكر سبب إيمانهم من دون قومهم، ولكن الله تعالى هداهم. أي: قذف في قلوبهم الهداية، ومعرفة الحق والاعتقاد الصحيح، واختيار التوحيد؛ الذي هو توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة؛ فأخبر بأنهم فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى زادهم الله لما أنهم تمسكوا بالتوحيد زادهم الله هدى، ومكن لهم معرفة الحق، ومعرفة الإيمان، وَزِدْنَاهُمْ هُدًى .
وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أي: ثبتهم؛ وذلك لأنهم نشأوا في قوم مشركين؛ أهل بلادهم كانوا مشركين، ومع ذلك خالفوا أهليهم، وإخوانهم وآباءهم وأقاربهم، واختاروا أن يوحدوا ربهم. كذلك أيضا اختاروا أن يخرجوا من بلادهم، وأن يفارقوا أهليهم. ومفارقة الأهل بلا شك صعبة على النفوس؛ ولكن هذه حال من ربط الله تعالى على قلبه، وقَوَّى إيمانه، وثبته بقول ثابت، ومكنه من الإيمان، فلا يصعب عليهم مفارقة أهليهم، ولا مفارقة بلادهم، ولا مفارقة أقوامهم، ما صعب عليهم في ذات الله تعالى. وهكذا كل من حقق الله تعالى الإيمان في قلبه، وملأ قلبه من الإيمان والتصديق؛ لا يصعب عليه أن يفارق أهله ، وأن يفارق بلاده، وأن يختار الإيمان الصحيح، وأن يتمسك بالدين، وأن يعض عليه بالنواجذ، ولو حصل له من الأذى ما حصل. فهذا آثار قوله: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا هذا القيام قيل: إنه قيامهم بعد موتهم. أي: بعد أن مكثوا أمواتا مدة طويلة.
فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أي: اعترفوا بأن ربهم. يعني: خالقهم ومالكهم؛ هو رب السماوات والأرض، الخالق لجميع المخلوقات.
لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا يعني: لن ندعو غيره، بل هو ربنا. نعبده وحده، ولا نعبد غيره، ولا نشرك به شيئا.
لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا يعني: إذا أشركنا قولا: شَطَطًا أي: قولا مائلا عن الحق.

line-bottom