إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
تفسير سورة الكهف
28833 مشاهدة
اشتهاء أصحاب الكهف الطعام الزكي

فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ اختاروا أزكاها طعاما، يعني: أفضلها؛ إما من الخبوز، وإما من الفواكه. يعني: من الأطعمة التي تشتهيها النفس، وكأنهم أحسوا بعد أن استيقظوا بجوع ، وأحبوا أن يدفعوا هذا الجوع بطعام تشتهيه النفس من أفضل الأطعمة، فلما أحسوا بذلك اختاروا أن يبعثوا أحدهم إلى المدينة؛ إلى أقرب مدينة حولهم؛ ويمكن أنها المدينة التي خرجوا منها، وأمروه بأن ينظر أيها أزكى طعاما وأفضل وأحسن؛ فيأتيهم برزق منه. أمروه بأن يتلطف. يعني قالوا له: تلطف، ولا تظهر نفسك، ولا تدل على مكاننا، وأظهر الاختفاء، وأظهر أنك منهم، وأنك لا تخالفهم، ولا تُشْعِرْ أحدا، ولا تدل على مكاننا أحدا من أقوامنا؛ مخافة أن يفتنونا.