الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
216679 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم الاستحضار وحجب المريض

سؤال: القارئ: حمود جابر مبارك من الرياض بعث إلينا سؤالا يقول فيه: بعض الناس إذا أصيب له مريض بالصرع يذهب به إلى بعض الأطباء العرب، وهؤلاء يستحضرون وتصدر منهم حركات غريبة، ويحجبون المريض فترة من الزمن، ويقولون: إنه مصاب بالجن، أو مسحور ونحو ذلك، ويعالج هؤلاء المريض ويشفى، وتدفع لهم الأموال مقابل ذلك، فما الحكم في ذلك? وما الحكم أيضًا في العلاج بالعزائم التي تكتب فيها الآيات القرآنية ثم توضع في الماء وتشرب ؟
الجواب: علاج المصروع والمسحور بالآيات القرآنية والأدوية المباحة لا حرج فيه إذا كان ذلك ممن يُعرف بالعقيدة الطيبة والالتزام بالأمور الشرعية.
أما العلاج عند الذين يدّعون علم الغيب أو يستحضرون الجن أو أشباههم من المشعوذين أو المجهولين، الذين لا تعرف حالهم ولا تعرف كيفية علاجهم، فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم، ولا العلاج عندهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا أخرجه مسلم في صحيحه وقوله -صلى الله عليه وسلم- من أتى عرّافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد جيد .
ولأحاديث أخرى في هذا الباب، كلها تدل على تحريم سؤال العرافين والكهنة وتصديقهم، وهم الذين يدعون علم الغيب، أو يستعينون بالجن، ويوجد من أعمالهم وتصرفاتهم ما يدل على ذلك، وفيهم وأشباههم ورد الحديث المشهور الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد، عن جابر -رضي الله عنه- قال: سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النشرة فقال: هي من عمل الشيطان وفسر العلماء هذه النشرة بأنها ما كان يعمل في الجاهلية من حل السحر بمثله، ويلتحق بذلك كل علاج يستعان فيه بالكهنة والعرافين وأصحاب الكذب والشعوذة.
وبذلك يعلم أن العلاج لجميع الأمراض وأنواع الصرع وغيره إنما يجوز بالطرق الشرعية والوسائل المباحة، ومنها القراءة على المريض والنفث عليه بالآيات والدعوات الشرعية؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا وقوله -صلى الله عليه وسلم- عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرام .
أما كتابة الآيات والأدعية الشرعية بالزعفران في صحن نظيف أو أوراق نظيفة، ثم يغسل فيشربه المريض؛ فلا حرج في ذلك وقد فعله كثير من سلف الأمة كما أوضح ذلك العلامة ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد وغيره، إذا كان القائم بذلك من المعروفين بالخير والاستقامة، والله ولي التوفيق .

line-bottom