اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
فتاوى الصيام
133184 مشاهدة
اختلاف المطالع

س18: إذا رئي الهلال في المملكة مثلا، هل يجب على أهل البلاد الأخرى الصيام، أم أنه يعتبر لكل أهل بلدة رؤيتهم؟
الجواب: هذه مسألة خلافية:
القول الأول:
أنه إذا رُئي الهلال في بلد لزم أهل البلاد الأخرى أن يصوموا والذين قالوا هذا القول اعتبروا الشهر شهرا واحدا، ولم يعتبروا اختلاف المطالع، فإذا أهلّ الهلال على أهل المشرق صام برؤيته أهل المغرب، وكذا بالعكس هذه البلاد، وقالوا: كيف نجعل شهر بلاد يتقدم على شهر البلاد الأخرى بيوم أو بيومين أو نحو ذلك مع أنهم كلهم مسلمون ويدينون بدين موحد؟
القول الثاني:
أن لكل أهل بلدة رؤيتهم. وقد ذهب إلى هذا القول بعض العلماء، منهم الشيخ عبد الله بن حميد -رحمه الله- وألف في ذلك رسالة أيدها بالواقع وأيدها كذلك بالأحاديث.
ومن الأحاديث التي استدل بها أصحاب هذا القول قصة كريب، حيث سافر إلى الشام ثم رجع إلى المدينة في آخر رمضان، فسأله ابن عباس -رضي الله عنه- عما لقي حتى سأله عن الهلال؛ فقال: متى رأيتموه؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة وصمناه، ثم قال: وهل صام أمير المؤمنين؟ قال: نعم. فقال ابن عباس: لكنا لم نره إلا ليلة السبت فصمنا ولا نزال نصوم حتى نراه أو نكمله ثلاثين. قال كريب: أوَلا تكتفي برؤية أمير المؤمنين وصيامه؟ قال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ففي هذا الحديث أن ابن عباس جعل لأهل الشام رؤيتهم ولأهل المدينة رؤيتهم، وأن كلا منهم يصوم إذا أهلّ عليه الهلال.
القول الثالث:
أن رؤية أهل المشرق رؤية لأهل المغرب ولا عكس، والسبب أنه إذا رئي في المشرق لزم أن يرى في المغرب ولا بد؛ وذلك لأنه لا يغيب عن أهل المشرق قبل أن يغيب عن أهل المغرب، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وغيره.
الراجح: القول الثاني: وهو أن لكل أهل بلدة رؤيتهم إذا كان هناك مسافة بين البلدتين يمكن أن يرى في البلدة الأخرى، وهذا ما عليه العمل، وبالله التوفيق.