شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
82836 مشاهدة
يخير فيه الإمام كأسير الحرب

فيخير فيه الإمام؛ كأسير حربي بين قتل، ورقٍّ، ومَنٍّ، وفداء بمال أو أسير مسلم.


هكذا قالوا: يخير فيه الإمام، يخير فيه بين أن يقتله ويريح المسلمين من شره، وبين أن يسترقّه؛ يحكم برقه ويباع كرقيق مملوك، وبين أن يمنّ عليه إذا رأى مثلا إرساله إلى أهله في بلاد أخرى ويمن عليه؛ لقوله تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً وإما أن يفدي نفسه بمال أو يفديه أهله بمال، وإما أن يفادى بأسير مسلم.
ومثل هذا إذا .. يخير بينه في هذه الأشياء:
ذكر الله بعضها في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً أي: إذا قاتلتموهم وأثخنتموهم فأْسروا وشدوا الوثاق أوثقوهم، وإذا أسرتموهم فلكم الخيار بين أن تمنوا على هؤلاء الأسرى وتتركوهم لأهلهم بدون عوض، وبين أن تفادوهم وتطلبوا الفدية؛ إما بمال يبذله أهلهم في تخليصهم، وإما مفاداة بأسارى؛ إذا كان الكفار قد أسروا بعض المسلمين فيقال: هذا أسير بدل أسير أو أسير بدل أسيرين أو نحو ذلك، كل ذلك جائز، واختلف في المن: فَإِمَّا مَنًّا فذهب بعضهم إلى أنه منسوخ، وأن ذلك كان في أول الإسلام عندما كانوا يمنون عليه رجاء أن يسلم، ولأجل ضعف المسلمين، وخوف أن المشركين يستولون على بعض المسلمين فيعذبونهم.
فإذا رأوا أن المسلمين يمنون على أسراهم منوا على أسرى المسلمين، وبعدما قوي الإسلام نسخ هذا المن. يعني: تمنون عليه بدون عوض، ولكن الصحيح أن ذلك جائز إذا رأى فيه الإمام مصلحة كتأليفهم مثلا أو تعليمهم تعاليم الإسلام؛ فالإسلام هو أفضل الأديان؛ حيث إنه يستعمل ما فيه المصلحة وأنه دين السماحة ودين الخير والحق، فيكون ذلك سببا لتقبلهم الإسلام ولدخولهم فيه إذا رأوا فيه المصلحة.