جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
82844 مشاهدة
ما يجوز ذبحه من الهدي خارج حدود الحرم

ففدية الأذى أي: الحلق واللبس ونحوهما كطيب وتغطية رأس، وكل محظور فعله خارج الحرم ودم الإحصار حيث وجد سببه من حل أو حرم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نحر هديه في موضعه بالحديبية وهي من الحل ويجزئ بالحرم أيضا.


نقول: إن هذا يجوز خارج الحدود، ففدية الأذى يعني: كالحلق؛ لما أن كعب بن عجرة آذاه القمل وحلق وهو في الحديبية أطعم في الحديبية .
وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته لما حصروا نحروا هديهم في الحديبية وتعرف الآن بالشميسي وهي ليست من الحرم خارج حدوده، وإن كان الآن بعضهم أدخلها، فالصحيح أنها ليست من الحرم ففدية الأذى. إذا حصل عليه أذى مثلا بأن حلق أو قلم وهو خارج الحدود فإنه يطعم هناك حيث وجد سببه، وكذلك لو غطى رأسه وهو في الطريق فيطعم هناك، وكذلك لو لبس مخيطا وهو في الطريق فيطعم هناك، هذا مفهوم كلام الفقهاء؛ ولكن لعل الأرجح أنه لا يطعم إلا في داخل الحرم وكذلك دم الإحصار، دم الإحصار قد ذهب أكثرهم إلى أنه لا يكون إلا في داخل الحرم وذكروا أن رجلا قدم من العراق محرما، وبعدما تجاوز وبعدما وصل ميقات أهل العراق ويسمى الآن الضريبة ذات عرق سقط من بعيره فانكسر فخذه، ولم يستطع أن يركب وبقي هناك في خيمة، ومر به ابن مسعود فقال لرفقته: اذهبوا فإذا وصلتم إلى مكة فاذبحوا عنه ما استيسر من الهدي، وإذا ذبحتموه فليتحلل، وقال له: لا تحلل حتى تتيقن أنهم قد ذبحوا الهدي، وقدر له مثلا ثلاثة أيام.
قال: بعد ثلاثة الأيام تذبح الهدي، يعني: يكونون قد ذبحوه وأنت تتحلل ولم يقل: اذبحوا الهدي في الضريبة التي هي ذات عرق بل أمرهم أن لا يذبحوها إلا في داخل الحدود؛ لعموم قوله: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ فعلى هذا: الأولى أن كل هدي أو إطعام فإنه في داخل الحدود... من ذبحها في ذلك المكان هذا على تقدير أنها ليست من الحرم وإذا قيل: إنها من الحرم فلا حاجة إلى تقدير. نعم.