قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
94587 مشاهدة
الواجب نحو من يظهر سلبيات الدعاة دون ذكر حسناتهم

وسئل فضيلة الشيخ: كيف نتعامل مع شباب نهجوا المنهج التشهيري والطعن في إظهار السلبيات فقط في بعض الدعاة وطلبة العلم، بحجة أنهم مبتدعة فلا تذكر حسناتهم، بل تذكر سيئاتهم للتحذير منهم؟

فأجاب: نقول: إن هؤلاء قد ضلوا كثيرا، وقد أخطئوا في فعلهم هذا، حيث إنهم لا يذكرون الحسنات؛ بل يقتصرون على السيئات.
ثم أيضا إذا نظرنا في تلك السيئات لم نجدها سيئات، كما يزعمون؛ بل هي حسنات واضحة، فلا يمكن أن تكون سيئة واضحة فيها ضرر على مسلم ملتزم بالإسلام أبدا، ولم نقرأ في كتاب من كتب هؤلاء الدعاة مقالة واضحة فيها ضرر على مسلم، لا في عقيدته ولا علمه، ولكن هؤلاء الذين يزعمون أنهم يحذرون من الأخطاء أو من السيئات، لا ندري كيف عثروا على تلك السيئات؟!
فهم في الحقيقة يحملون الكلام ما لا يحتمله، ويحملون الجملة على محمل بعيد جدا، ويتكلفون في الطعن على تلك الجملة، ولو كانت بعيدة عما يقصدونه، وقد ثبت عن بعض السلف أنه قال: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك شرا، وأنت تجد لها في الخير محملا.
فإذا كانت تلك الجملة محتملة لعشرة احتمالات منها احتمال واحد حق، وباقي الاحتمالات خاطئة، حملناها على الاحتمال الذي هو حق، وتركنا الباقي لإحساننا الظن بقائلها، ولمعرفتنا بأنه لا يقصد إلا نصح الأمة، والتحذير من الأضرار التي تفتك بالأمة، والتي إذا تمكن أهلها أضروا بالعالم الإسلامي عامة، فنقول لهؤلاء: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين؟ نحن معكم على أن تأتوا بالكتاب كله ونبين لكم خطأكم وبُعد إدراككم. وكذلك هاتوا الأخطاء التي تزعمون كلها، ونبين لكم ما قبل كلامكم هذا وما بعده، وأنكم فهمتم خطأ.

ثم أنتم أيضا تخطئون خطأ آخر وهو كونكم تكتمون الحق، وتكتمون المحاسن، وتكتمون الحقائق، ولا تنشرون حسنة من الحسنات، وتقتصرون على المساوئ التي تظنون أنها مساوئ وهي بعيدة عما ظننتم.
وكذلك أيضا الواجب على العاقل المنصف أن يذكر الحسن والسيئ، فيذكر هذا إلى جانب هذا، حتى لو قدر أن هذا سيئ، وأنه كما يقول: إنه أخطأ وبعد عن الصواب، فعليه أن يذكر الأمرين جميعا، فيقول: هذه محاسنه، وهذه مساوئه، فيبين ما له وما عليه.
فأهل الإنصاف وأهل السنة يذكرون ما لهم وما عليهم، وأما أهل الضلال وأهل الباطل، فإنهم يقتصرون على ما لهم ويذكرونه ويوضحونه ويبينونه ويشرحونه، وأما الذي عليهم فإنهم يكتمونه: كمثل اليهود الذين عابهم الله بقوله -تعالى- وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ .
ونعلم أيضا أن الإنسان ليس بمعصوم من الخطأ وأنه عرضة له، ولكن يجب إذا لوحظ عليه خطأ أن يبحث معه، فيقال: إنك أخطأت في كذا وكذا، فيبين له. ونحن نعرف أن كثيرا من المشايخ والدعاة إذا أوقفوا على خطأ وتحقق لهم أنه خطأ فإنهم يرجعون عنه إن شاء الله، لأن هدفهم الحق وقصدهم الذي قصدوه مقصد صالح حسن إن شاء الله.
ثم نعرف أيضا أن العالم أو الداعية مجتهد له أجر على اجتهاده، وإذا قدر أنه أخطأ فإنه مغفور له بجانب حسناتهم التي اشتهرت، والتي ظهرت للعالم عموما في أرجاء البلاد. فتغفر الزلات بجانب تلك الحسنات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران -يعني على اجتهاده وإصابته- وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر فهم مجتهدون فإن أصابوا فأجر الإصابة وأجر الاجتهاد موفر لهم إن شاء الله، وإن أخطئوا فخطؤهم مغفور ولهم أجر على اجتهادهم، ونعتقد أنهم إذا بين لهم أن هذا خطأ فلا بد وأن يظهروا الاعتراف والرجوع إلى الحق.
فنقول: متى وقفتم معهم على مجادلة وبينتم لهم؟ أنتم أيها الذين تضللون وتطعنون فيهم، هل اجتمعتم بهم في مجلس وناقشتموهم، وقلتم هذا خطأ؟! هل اجتمعتم أيضا بغيرهم ممن هو على نهجهم وناقشتموهم مناقشة؟! أما كونكم تخوضون في مجالس العامة، وتشهرون بأخطائهم وتذكرونها وتحذرون منهم، وتشهرون بأسمائهم بأنهم ضلال وبأنهم وبأنهم. فإنكم لن تصلوا إلى عشر معشار ما وصلوا إليه، ولا حَظَّ لكم في المنزلة التي أنزلهم الله إياها من المكانة في نفوس الناس، ولكن استروا أنفسكم كما يقول بعضهم:
ثكلتكم يا أجهل الناس فاستروا مخازيكمُو لا تكشفوها فتشتهر
متى كنتـم أهلا لكـل فضيـلة متى كنتم حربا لمن حاد أو كفر
متـى دستم رأس العدو بفيلق وقنبلـة أو مدفع يقطـع الأثر
تعيبـون أشياخـا كراما أعزة جهـابذة نور البصيرة والبصر
فهـم بركـات البلاد وأهلهـا بهم يدفع الله البلايا عن البشر