إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
جمل رفيعة حول كمال الشريعة
10087 مشاهدة
جمل رفيعة حول كمال الشريعة


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلالة، وركب فيه مفاصله وأوصاله، وأتمّ عليه نعمته وأفضاله، أحمده وأشكره على ما أولاه من نعمه ونواله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وخلقه وأفعاله، فلا تصلح العبادة إلا له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من خُص بالرسالة -صلى الله عليه وسلم- وعلى صحابته وأتباعه وآله.
أما بعد:
فقد كتبت مقالة عن محاسن الدين الإسلامي، وكمال الشريعة وما تهدي إليه من آدابٍ وأخلاقٍ شريفة، وقد طُبعت تلك المقالة كمقدمة لكتاب (نضرة النعيم) الذي هو موسوعة كاملة في المسميات الشرعية والمصالح والأخلاق الدينية، والذي جمعه نخبة من أهل العلم، وبذلوا فيه جهدًا كبيرًا وسعيًا مشكورًا، وقد حصل به نفع كبير لمن أراد الاستفادة منه، ثم إن بعض الطلاب -بعد إطلاعه على تلك المقدمة- رغب إفرادها ونشرها وحدها ليعم الوصول إليها؛ فوافقت على ذلك رجاء الانتفاع بها، مع أن المقالة مختصرة جدًا، حيث أشير فيها إلى مجمل أهداف الشريعة ومحتويات الرسالة السماوية، وما ورد الأمر به والترغيب فيه من الصفات والسمات الرفيعة التي يشهد العقل بملاءمتها وتستحسنها الفطر والجبلات الإنسانية، وهكذا ما ورد النهي عنه وتحريمه وكراهة تقبيح فعله من الأقوال والأفعال التي تستهجنها النفوس الرفيعة وتستقبحها الفطر السليمة، وقد شرح علماء الإسلام تلك الأخلاق والآداب كما في كتاب (الآداب الشرعية) لابن مفلح، و(روضة العقلاء) لابن حبان و (أدب الدنيا والدين) للماوردي... وغيرها.
والله الموفق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه/
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين