شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح الورقات
34355 مشاهدة
الحظر والإباحة

أحسن الله إليكم يا فضيلة الشيخ، وجزاكم الله خيرا.
قال صاحب رسالة الورقات رحمه الله تعالى:
الحظر والإباحة:
وأما الحظر والإباحة، فمن الناس من يقول: إن الأشياء على الحظر إلا ما أباحته الشريعة، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة، يتمسك بالأصل وهو الحظر.
ومن الناس من يقول بضده، وهو أن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما حظره الشرع.
الاستصحاب:
ومعنى استصحاب الحال: أن يستصحب الأصل، أي: يستصحب الأصل عند عدم الدليل الشرعي.
ترتيب الأدلة:
وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، والموجب للعلم على الموجب للظن، والنص على القياس، والقياس الجلي على الخفي؛ فإن وجد في النص ما يغير الأصل وإلا فيستصحب الحال.
شروط المفتي: ومن شروط المفتي أن يكون عالمًا بالفقه أصلًا وفرعًا، خلافًا ومذهبًا، وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد عارفًا بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال، وتفسير الآيات الواردة في الأحكام والأخبار الواردة فيها.
شروط المستفتي: ومن شرط المستفتي أن يكون من أهل التقليد، فيتقلد المفتي في الفتيا وليس للعالم أن يقلد.
والتقليد: قبول قول القائل بلا حجة؛ فعلى هذا قبول قول النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمى تقليدًا.
ومنهم من قال: التقليد قبول قول القائل، وأنت لا تدري من أين قاله.
فإن قلنا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول بالقياس؛ فيجوز أن يسمى قبول قوله تقليدًا.
الاجتهاد: وأما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض.
فالمجتهد إن كان كامل الآلة في الاجتهاد؛ فإن اجتهد في الفروع فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فيها فأخطأ فله أجر واحد.
ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، ولا يجوز أن يقال: كل مجتهد في الأصول الكلامية مصيب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تصويب أهل الضلالة من النصارى والمجوس والكفار والمشركين.
ودليل من قال: ليس كل مجتهد في الفروع مصيبًا، قوله - صلى الله عليه وسلم - من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد .
ووجه الدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطَّأ المجتهد تارة وصوبه أخرى. انتهى.


هذه من مباحث الأصوليين: الحظر والإباحة.
الحظر: هو التحريم، والإباحة: هي الإحلال؛ أباح الشيء يعني: أحله. من الناس من يقول: إن الأشياء كلها محرمة إلا ما نص الشرع على أنه مباح وحلال، ويدخل في ذلك المعاملات، ويدخل في ذلك المأكولات والمشروبات وما أشبه ذلك، فيقولون: حرام علينا الأشربة إلا ما نص الشرع، وقال: اشربوا من الماء أو اشربوا من اللبن أو اشربوا من الأعصرة وما أشبهها، حرام علينا المأكل إلا ما قال، إذا قال: كلوا مثلا من الخبز، كلوا من الفاكهة، كلوا من كذا وكذا، إذا نص الشرع على هذه الأشياء نقتصر عليه والذي لم يذكره نجعله محرما، فإذا لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة تمسكوا بالأصل وجعلوه حجة على التحريم.
القول الثاني: ولعله هو الأرجح أن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما جاء الشرع بتحريمه، أن الأصل الإباحة إلا ما حظره الشرع فنقول مثلا: إن الله تعالى أباح الطيبات وحرم الخبائث؛ فكل شيء من الخبائث نعتقده محرما؛ فمن الخبائث مثلا الحشرات فإنها مستقذرة؛ يستقذر أن الإنسان مثلا يأكل من الذباب ومن الفراش وما أشبه ذلك.
كذلك من المحرمات: الدواب التي هي سامة أو ضارة كالحيات ونحوها؛ ومن المستقذرات أيضا: السباع التي تأكل الجيف وتأكل النتن وما أشبه ذلك، فتكون محرمة.
ومن المحرمات ما نص الشرع على تحريمه كتحريم الحمر الأهلية، وتحريم ما له ناب من السباع، وما له مخلب من الطير، وما يأكل الجيف، وما أمر بقتله، وما نهي عن قتله؛ فنقتصر على ما نص الشرع على أنه محرم، أو دخل فيما هو محرم من هذه القواعد، وما عدا ذلك فإنه يبقى على الإباحة، وما كان مستخبثا فإنه يكون من المحرمات؛ لدخوله في قوله: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ .