لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
شرح الورقات
34389 مشاهدة
الإجماع في الأمم السابقة

إجماع هذه الأمة حجة دون غيرها، حجة على سبيل القطع.
ذكر قوله عن الحديث في قوله -صلى الله عليه وسلم- لا تجتمع أمتي على ضلالة والشرع ورد بعصمة هذه الأمة، أن هذه الأمة معصومة عن الخطأ، روي أنه قيل للشافعي إن في القرآن آية تدل على أن الإجماع حجة، ثم إنه قرأ القرآن، وأخذ يردده مرارا قيل: إنها عشرات المرات أو مئات المرات إلى أن وقف على أو تدبر في دلالة قول الله تعالى في سورة النساء: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى فجعل هذه دلالة على أن إجماع الأمة حجة.
الإجماع حجة على العصر الثاني، يعني: إذا كان القرن الأول -الصحابة وتلاميذههم- مجمعون على أمر، ثم جاء الخلاف في القرن الثاني فنقول: أنتم أيها المخالفون مسبوقون بإجماع، فمثلا أهل القرن الأول مجمعون على أن القرآن كلام الله، حدث في القرن الثاني قول المعتزلة أو الجهمية أنه مخلوق، فقلنا: أنتم أيها المبتدعة مسبوقون بإجماع أهل القرن الأول الذين لم يقولوا إن القرآن مخلوق؛ بل يقرءونه ويعترفون بأنه كلام الله فقولكم باطل، فالإجماع حجة على العصر الثاني وفي أي عصر كان، إذا حدث أمر في القرن الرابع مثلا ولم يكن موجودا في القرون التي قبله فإنه مبتدع، في القرن الرابع –مثلا- ابتدع بعضهم صلاة الرغائب فقلنا: هذه حادثة فلا يلتفت إليها؛ وذلك لأنها لم تكن معروفة في القرون الثلاثة، كذلك بدعة الرافضة في المأكل الحزن في قتل الحسين إنما كان في القرن الرابع؛ فيقال إن هذا لم يكن معروفا في القرون الثلاثة، فأجمعت الأمة على عدم فعله؛ فأنتم أيها الرافضة مسبوقون بالإجماع فقولكم باطل، .. العصر، الصحيح أنه لا يشترط، ومعنى ذلك أنه إذا اتفق الصحابة –مثلا- خمسين سنة أو سبعين سنة على قول من الأقوال على حكم من الأحكام، وحدث مخالف أو تجدد خلاف قبل أن يموت الصحابة؛ بقية الصحابة .. وحدث من خالفهم؛ فإن إجماعهم حجة ولا يعتبر خلاف هذا الذي خالف، ولو كان قد بقي من الأولين أحد فلا يشترط انقراض عصر الصحابة ولا انقراض أهل العصر.