شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
47981 مشاهدة
الاستنابة في الحج

وسُئِلَ حفظه الله ورعاه:
طَلَب مني أحد أقاربي أن أحج عن والدته المتوفاة، وأعطاني ثلاثة آلاف ريال كنفقة، وأنا أستطيع أن أُكمل الحج بأقل من تلك النفقة، فماذا أفعل بالباقي ؟
فأجاب:
هذه مسألة الاستنابة في الحج، أو الحج عن الغير بأُجرة، وقد كثر البحث فيها، وكثر التساهل من الذين يحجون بأُجرة.
والعلماء لم يرخصوا للإنسان أن يحج بأجرة ، إلا إذا كان عاجزا عن الحج من مال نفسه، وذلك لأن هذا عمل صالح والأعمال الصالحة لا تباع، ولا تؤخذ عليها مصالح دنيوية ، فالحج: طواف، وسعي، وإحرام، وصلاة، ورمي، ووقوف، وهذه كلها أعمال صالحة لا يؤخذ عليها أُجرة، كما أن الإنسان لا يأخذ أجرا على الصلاة ، ولا الصيام ولا على الصدقة، ونحو ذلك، فلا يبيعها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأذان: اتخذوا مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا فدلَّ على أن الأعمال الصالحة لا يجوز بيعها.
ولكن هناك حالة خاصة، فمثلا أن إنسانا عاجز عن الحج بماله وهو قد أدى حجة الفريضة، فيجوز له أن يستعين بمال يتمكن به من أداء الحج، فيأخذ هذا المال حتى يمكنه الحج فينفق منه بقدر حاجته ويرد باقيه على من أنابه إذا أنفق منه سواء أنفق على أهله كأن يترك لأهله نفقته ، وأنفق أجرة ركوبه وأجرة أكله وشربه، وقيمة فديته وغير ذلك ، فالباقي يرده على أهله إلا إذا سمحوا وعفوا عن ذلك وقالوا: قد وهبنا لك ما بقي.
أما كونه يتخذ الحج حرفة ويجعله كسبا، ويزايد فيه، ويقول: هذا قليل أعطني خمسة أو ستة آلاف ريال، فينفق منها ألفا أو ألفين، والباقي يتاجر به فهذا بيع للعمل الصالح، ويعتبر قد عمل لأجل الدنيا، والعمل لأجل الدنيا شرك ، كما في قول الله تعالى : مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (سورة هود ، الآية:15) .