اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
77499 مشاهدة print word pdf
line-top
طواف الوداع

هذا الطواف يفعل عند العزم على السفر من مكة والرجوع إلى الأهل ، وسمي طواف الوداع لأن الحاج يودع البيت والمشاعر، ويختم به أعمال الحج ، وهو أحد واجبات الحج، من تركه فعليه دم، كسائر المناسك التي تجبر بدم، ولا يسقط هذا الطواف إلا عن الحائض والنفساء، الرخصة في حق صفية أم المؤمنين لأجل الحيض، وفي الحديث: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض والمراد بالناس هم الحجاج كلهم.
ومن ذهب وشق عليه الرجوع جبره بدم، فإن تمكن من الرجوع فرجع، وطاف للوداع سقط عنه الدم، ولو كان الرجوع بعد قطع مسافة طويلة، أو مدة طويلة ، وذلك لسهولة الرجوع في هذه الأزمنة، بخلاف الزمن القديم، فإن من سار يومين صعب عليه الرجوع، وخاف الانقطاع عن الركب، فيفضل دم الجبران على الرجوع ، لمشقته ولطول المسافة، وصعوبة السفر منفردا خوف قطاع الطريق .
أما وقد وجدت المراكب المريحة التي تقطع المسافة في وقت قريب، مع تعبيد الطرق ، وأمن البلاد، فلا خوف ولا ضرر في الرجوع لإكمال هذا النسك.
أما إن لم يرجع وواصل سيره إلى بلاده فإن عليه الدم كما ذكرنا ، لكن إن كانت بلاده قريبة كجدة والطائف وذهب هناك بعد أيام منى خوفا من شدة الزحام في الطواف ، ثم رجع بعد يومين أو نحوها فالأصح أنه يجوز؛ حيث إنه أتى بالواجب كما أمر به.
ثم إن هذا الطواف هو آخر أعمال الحج، فلا يقيم بعده طويلا، فإن أقام بعده كنصف يوم، أو تعاطى تجارة، ونحوها لزمه إعادته، ليكون آخر عهده بالبيت ثم بعد فراغه من هذا الطواف، وصلاته ركعتين، يدعو بما ورد، و يسن أن يقف بالملتزم وهو بين الركن والباب، ويقول: اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك، حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى، وإلا فمن الآن، قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم اصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي ، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني ، وأجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة ،إنك على كل شيء قدير .
ويدعو أن لا يكون هذا آخر العهد، ويصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يخرج على حالته، ولا يجوز الخروج القهقري فإنه لا أصل له، والله أعلم.

line-bottom