تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
47932 مشاهدة
أنواع الأنساك وأفضلها والنسك الذي أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-

إذا وصل الحاج إلى أحد المواقيت التي ذكرناها في أشهر الحج وهي : شوال، وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة، وكان مريدا للحج من عامه فإنه مخير بين ثلاثة أنساك:
الأول: التمتع وهو أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج.
وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن تقول: (لبيك عمرة).
ويستمر في التلبية حتى يصل مكة فإذا شرع في الطواف قطع التلبية، وبدأ بأعمال العمرة، فإذا طاف وسعى وحلق أو قصر تمت عمرته، وحلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام.
فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة (وهو يوم التروية) أحرم بالحج وحده، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك حجا).
الثاني: الجمع بين العمرة والحج: (ويسمى القران): وهو أن يحرم بالعمرة والحج جميعا في أشهر الحج، أي: يقرن بينهما، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك عمرة وحجا).
أو يحرم بالعمرة أولا: من الميقات فيقول: (لبيك عمرة) وقبل أن يشرع في الطواف يدخل الحج عليها ويلبي. فإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، ثم سعى سعي الحج، وله تأخير هذا السعي بعد طواف الإفاضة، ولا يحلق أو يقصر، بل يبقى على إحرامه حتى يحلّ منه بعد التحلل يوم العيد.
الثالث : الحج وحده : ( و يسمى الإفراد): و هو أن يحرم بالحج وحده من الميقات في أشهر الحج، وصفة التلفظ في هذا النسك عند الإحرام وعقد النية أن يقول: (لبيك حجا) ، وله تأخير السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة.
فائدة: عمل المفرد كعمل القارن سواء بسواء إلا أن المفرد بالحج وحده ليس عليه هدي، أما القارن وهو المحرم بالعمرة والحج معا فإن عليه الهدي.
الحاج مخير بين هذه الأنساك الثلاثة، والدليل حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع فمنّا من أهلَّ بعمرة، ومنَّا من أهلَّ بحجٍّ وعمرة، ومنَّا من أهلَّ بالحج… الحديث وغيره من الأَدلة.
ولكن الأفضل من هذه الأَنساك هو (التمتع) لمن لم يكن معه الهدي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال بعد أن سعى بين الصفا والمروة لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه الهدي فليحل وليجعلها عمرة… الحديث.
أما من ساق الهدي معه من بلده فإن القران أفضل في حقه؛ لأنه النسك الذي أحرم به الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا شك أن سوق الهدي في هذا الزمان فيه حرج ومشقة، فلذا كان الأفضل هو التمتع لما فيه من اليسر والسهولة.
أما من كان قارنا وكذا المفرد فالأفضل له إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا و المروة ولم يسُق الهدي من بلده، أن يجعلها عمرة فيقصر أو يحلق ويكون بهذا متمتعا، كما فعل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمره في حجة الوداع ولكن الأفضل لمن اعتمر في رمضان أو قبله ثم جاء متأخرا الإفراد ففيه الإتيان بالعمرة في سفر والحجة في سفر وهو الذي يختاره الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم -.
النسك الذي أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-
ذكرنا أن النسك الذي أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم- هو (القران) وهو الجمع بين العمرة والحج بتلبية وإحرام واحد دون فصل بينهما، وهو النسك الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لنبيه، ولا يختار الله لنبيه إلا الأفضل ، فإنه -صلى الله عليه وسلم- ساق الهدي معه، وهذا هو الذي منعه من التحلل بالعمرة ، وأن يفعل مثل الذي أمر به أصحابه.