قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48002 مشاهدة
ذبح الهدي

وأما ذبح الهدي فيُشرع بعد الرمي مباشرة، والمراد بالهدي: ما يُساق من خارج الحرم ويُهدى إلى مكة تقربا وتطوعا، وتعظيما لحرمات الله تعالى ، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ساق معه هديا بلغ مائة بدنة، جاء علي رضي الله عنه ببعضها من اليمن وكذا كثير من الصحابة، ساقوا معهم هديا من المدينة ومن غيرها، ولا يدخل في مسماه فدية التمتع والقران، وإنما تسمى هديا أو فدية لأنها من جنس ما يهدى من الأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم.
ووقت الذبح من صبح يوم النحر، إلى آخر أيام التشريق الثلاثة، وكره بعض العلماء الذبح ليلا، لأن البعض يخفون هديهم وفديتهم في الليل، ليحرموا المساكين، وحيث أن الذبح يكثر في هذه الأيام، فأرى أن لا كراهة في الليل كالنهار، وإذا خاف أن لا يجد من يأكل فديته أو هديه يوم النحر فله التأخير، وهو أفضل، حيث إن الكثير الذين يذبحون في يوم العيد يلقون ما يذبحونه في الأرض، فتحرق تلك اللحوم أو تدفن، وتذهب ضياعا، بخلاف ما إذا أخَّر الذبح إلى اليوم الحادي عشر أو بعده، فسوف يجد من يتقبله من المساكين وغيرهم.
وعلى الحاج الحرص على أن يجد من ينتفع بفديته، ولو دفع أجرة لمن يسلخها ويحملها، ثم يوزعها على الحجاج في الخيام أو في ظل الجسور، أو داخل مكة ونحوها ، فسوف يجد من يفرح بذلك ويتقبله، فإن دفع فديته للشركات التي تقوم بالذبح والسلخ وإرسال اللحوم إلى الدول المسلمة الفقيرة فهو أفضل من إضاعتها، ويجزئ ذلك عنه، ولو لم يحضر الذبح معهم.
وأما دم الجبران وجزاء الصيد، فيجوز تأخيره بعد أيام التشريق، ويلزم تفريقه على مساكين الحرم ولا يأكل منه صاحبه، بخلاف دم الهدي والفدية فله منه، وإطعام رفقته، لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (سورة الحج ، الآية:28) .