جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
47902 مشاهدة
يوم التروية (اليوم الثامن من ذي الحجة)

إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة، استحب للحجاج الذين حلّوا من إحرامهم بعد العمرة وهم المتمتعون أن يحرموا بالحج من مساكنهم وأماكن إقامتهم.
كذلك يُستحب لأهل مكة ومجاوريها، ممن أراد الحج أن يحرموا من بيوتهم.
فيعقد الحاج النية بالحج في قلبه ويلبي بالحج فيقول: (لبيك حجا)، وإن كان خائفا اشترط في إحرامه كما ذكرنا سابقا فيقول: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني .
أما القارنون والمفردون فهم باقون على إحرامهم الأول ، حتى يؤدوا باقي مناسكهم.
يتوجه جميع الحجاج بعد الإحرام إلى منى قبل الزوال أو بعده، فيصلُّوا فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقصرون الرباعية.
ويبيت الحجاج في منى تلك الليلة وهي ليلة التاسع من ذي الحجة، وهذا المبيت يعتبر سُنة مؤكدة، وإن ذهب بعض العلماء إلى وجوبه لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه حافظوا عليه، فكانوا يبيتون ليلة تسع في منى ويتوجهون صباح التاسع بعد طلوع الشمس إلى عرفة فيكون هذا المبيت مؤكدا ، والذين يتركونه يتركون فضلا كبيرا ، ثم إن غالب الذين يتركونه هم الذين يتعلقون بغيرهم، وغالبهم من الوافدين الذين يحملهم المطوفون، وذلك أن المطوف يشق عليه أن يسكنهم أولا بمكة ثم بمنى ثم بعرفة ثم بمزدلفة ثم بمنى ثم بمكة فهو ينقلهم رأسا من مكة إلى عرفة ويترك هذه الشعيرة وهذه السُّنة، وهي المبيت بمنى ليلة عرفة وهذا فيه تقصير وخطأ ونقص في حجهم، ولكن لجهل أولئك الوافدين ولإحسانهم الظن بهذا المطوف واعتقادهم نصحه، لا ينتبهون لما يفوتهم ، ولا يسألون غيرهم، ويكتفي المطوف بإطعامهم ونقلهم وإسكانهم، أما التعليم والإرشاد فقلَّ من يهتم به، وكان الأولى بهم أن يتركوا ذلك المطوف ، وأن يبيتوا بأنفسهم بمنى ويذهبوا على أرجلهم في صباح اليوم التاسع إلى مخيماتهم في عرفة ولكن لا يأتيهم من يُوَجِّهُهُم، وأما من هو منفرد فإنَّه يُتأكد في حقه أن لا يترك هذا المبيت في هذا اليوم.
وعلى الحجاج المحرمين في ذلك اليوم سواء المتمتع ، أو القارن، أو المفرد، أن يشتغلوا في حال إحرامهم بالتلبية ، وذلك لأن التلبية شعار للحجاج ، وعلامة واضحة على أنه متلبس بهذا النسك ، فيرفعون أصواتهم بالتلبية ويكررونها.