جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49029 مشاهدة
فصل في الإيمان والدين

ص (والإيمان قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، قال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: 5]. فجعل عبادة الله، وإخلاص القلب، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، كله من الدين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فجعل القول والعمل من الإيمان.
وقال تعالى فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا [التوبة: 124]. وقال: لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا [الفتح: 4]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله. وفي قلبه مثقال برة، أو خردلة، أو ذرة من الإيمان فجعله متفاضلا.).


س 42 (أ) ما الإيمان لغة وشرعا مع الدليل (ب) وما معنى كون الأعمال من مسمى الإيمان. (ج) وما الدليل. على زيادته ونقصه وتفاضله. (د) وما المراد بالزيادة والنقص؟
ج 42 (أ) الإيمان لغة التصديق الجازم بالشيء، ودليله قوله تعالى: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا [يوسف]، أي بمصدق، وشرعا ما ذكر في المتن من كونه قولا باللسان، وعملا بالأركان، واعتقادا بالجنان.
والأدلة عليه كثيرة، كقوله تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ أي صلاتكم إلى الشام قبل صرف القبلة، وتكرر في السنة جعل الأقوال والأعمال من الإيمان، ففي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس آمركم بالإيمان بالله ثم فسره بالشهادتين، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل خصال الخير من الإيمان كصيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، والجهاد، والحج، واتباع الجنائز، وأداء الأمانات، ونحوها. وكذا الحديث المذكور، وهو حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان رواه البخاري ومسلم فالشهادة قول باللسان، والإماطة عمل جوارح، والحياء عمل قلب، وقد جعل ذلك كله من شعب الإيمان.
(ب) ومعنى كون الأعمال من الإيمان، أن المؤمن الموقن بكل ما جاء عن الله، يحمله يقينه على المبادرة إلى العمل، فتكون تلك الأعمال من الإيمان والدين الذي يدين به، لأن الباعث عليها ما في القلب من اليقين.
وقول اللسان. يراد به الكلام كالشهادتين، والذكر، والدعاء، والتلاوة، وسائر الأقوال الخيرية. والعمل بالأركان. وهي الجوارح، هو كالصلاة، والصوم، والحج، والجهاد، وتغيير المنكر باليد، ونحوها. والعقد بالجنان. أي بالقلب يراد به التصديق، والإخلاص، والتوكل، والمحبة، ونحوها، وكل هذه الأعمال من مسمى الإيمان، لأنها من آثاره.
وذهب بعض (المعتزلة) أن الإيمان مجرد التصديق فقط. فكل من صدق الرسول عليه الصلاة والسلام، وإن لم يتبعه، كاليهود، فهو مؤمن عندهم. وعند (الجهمية) الإيمان هو المعرفة بالله فقط، فإبليس، وفرعون والمشركون، واليهود، والنصارى، ونحوهم، مؤمنون كاملو الإيمان عند الجهمية، لأنهم يقرون بوجود الله، ويؤمنون به ربا وخالقا، وإن جحده بعضهم كفرعون عنادا. وقالت (المرجئة) الإيمان هو الإقرار باللسان، دون عقد القلب، فالمنافقون عندهم مؤمنون لأنهم مقرون بألسنتهم. وهناك أقوال أخر ظاهرة البطلان. ودلالة آية البينة ظاهرة، حيث ذكر العبادة، والإخلاص، والصلاة، والزكاة، ثم قال: وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ والدين هو الإيمان. وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم فجعل أركان الإسلام الظاهرة، وأركان الإيمان، وركن الإحسان، كل ذلك من الدين.
(ج) وأما أدلة زيادة الإيمان ونقصانه فكثيرة جدا، كقوله تعالى فَزَادَهُمْ إِيمَانًا [آل عمران]، وقوله لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح: 4]، وقوله: وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا [المدثر]، وقوله وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال: 2] وقوله: فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا [التوبة]، وكل ما قبل الزيادة، قبل النقص، وفي الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة العيد: ما رأيت من ناقصات عقل ودين إلخ.
(د) والمراد بالزيادة والنقص، تفاضل الناس في الدين، بحسب كثرة العمل، وما يقوم بالقلب؛ فإذا عمل خيرا كذكر وصدقة وجهاد، زاد إيمانه، فإن عمل معصية كَسَبٍّ ونهب وكِبر وحسد، نقص إيمانه، فهذا سبب التفاضل في الأعمال والأديان.
قوله صلى الله عليه وسلم: يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه مثقال برة أو خردلة أو ذرة من الإيمان رواه البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ كثيرة، وهو ظاهر في تفاضل أهل الإيمان، بحسب ما يقوم بالقلب، من قوة اليقين، أو ضعفه.
و(البرة) الحبة من البر أي الحنطة المعروفة و(الخردلة) حبة الخردل أي الشجر المعروف وحبه ضرب من الحرف يشبه حب الرشاد إلا أنه أصغر منه و(الذرة) واحدة الذر، هو صغار النمل المعروف.