شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49699 مشاهدة
صفة العجب والضحك

ص (وقوله: يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة وقوله يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة فهذا وما أشبهه، مما صح سنده، وعدلت رواته، نؤمن به، ولا نرده ولا نجحده، ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره، ولا نشبهـه بصفات المخلوقين، ولا بسمات المحدثين، ونعلم أن الله سبحانه لا شبيه له ولا نظير لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وكل ما تخيل في الذهن، أو خطر بالبال، فإن الله تعالى بخلافه).


س 27 (أ) ما تفهم من هذين الحديثين في الصفات. (ب) ومتى تقبل الأحاديث في العقائد. (ج) وما فائدة قوله: بتأويل يخالف ظاهره. (د) وما الفرق بين صفات المخلوقين، وسمات المحدثين، (هـ) وما معنى قوله: تخيل في الذهن، أو خطر بالبال؟
ج 27 (أ) في الحديث الأول إثبات صفة العجب لله تعالى على ما يليق به، وسبب العجب استحسان المتعجب منه واستغرابه، وهو هنا كون الشاب ليست له صبوة، أي ميل إلى اللهو والهوى، فإن عادة الشباب الإكباب على ملذات النفس من اللهو والبطالة، فإذا وجد شاب عَزُوفٌ عن الشهوات، مُعْرِضٌ عن أنواع المشتهيات الملهية، مقبل على الآخرة وما يقرِّب إليها، كان مما يثير العجب، وهو من أسباب مضاعفة الثواب.
وفى الحديث الثاني إثبات صفة الضحك لله تعالى، على ما يليق بجلاله، والعجب والضحك من الصفات الفعلية الاختيارية، يفعلها تعالى متى شاء، وسبب الضحك في الحديث التعجب من اجتماع القاتل والمقتول في الجنة، وذلك أن القاتل كان كافرا، فأسلم وقاتل في سبيل الله فاستشهد، وهذا الحديث متفق على صحته، وأما الأولى فهو حسن، رواه أحمد وأبو يعلى والبيهقي وغيرهم.
(ب) وتقبل الأحاديث في العقائد، كما تقبل في الأعمال، بشرط صحتها، وعدالة نقلتها وثقتهم، خلافا لأهل البدع القائلين: إن أحاديث الآحاد لا تفيد إلا الظن، فلا تقبل في العقائد، والمراد بالآحاد ما عدى المتواتر، والصحيح قبولها، وإفادتها اليقين.
(ج) (ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره) كتأويل النفاة بقولهم: إن الضحك والعجب يراد بهما الثواب، ونحو ذلك، ففيه دليل على أن الواجب القول بما دل عليه الظاهر، مع اعتقاد نفي مشابهة المخلوقين، على حد قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
(د) و(صفات المخلوقين) ميزاتهم وخصائصهم، (والسمات) الهيئات والأشكال، و (المحدثون) الخلق الذين أحدثهم الله.
(هـ) (وكلما تخيل في الذهن... الخ) هذا كقوله في الخطبة: لا تمثله العقول بالتفكير، ولا تتوهمه القلوب بالتصوير؛ لأن المخلوق قاصر عن أن يحيط بكنه الباري، أو يصل بفكره إلى كيفية شيء من صفاته وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا .