إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
78815 مشاهدة print word pdf
line-top
(فصل في أن القرآن كلام الله حقيقة)

ص (ومن كلام الله تعالى: القرآن العظيم، وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين؟ بلسان عربي مبين، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود).


س 34 (أ) ما تقول في القرآن. (ب) وما حبل الله المتين. (ج) وكيف نزل به الروح الأمين. (د) وما حكم القول بأنه مخلوق. (هـ) وما معنى قوله: منه بدأ وإليه يعود؟
ج 34 (أ) اتفق السلف والأئمة على أن القرآن كلام الله حقيقة حروفه ومعانيه، تكلم به كما شاء، وكذا التوراة والإنجيل وسائر كتبه، قال الله تعالى فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ [التوبة]- وقال يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ [الفتح]- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يجيرني حتى أبلغ كلام ربي رواه أبو داود بمعناه، وليس لكلام الله نهاية، قال تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي [الكهف].
(ب) (وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين) هذه من أسماء هذا القرآن، كما سماه الله بالكتاب، والفرقان، والذكر الحكيم، وغيرها، ومعنى كونه كتاب الله، أنه كتب بأمره، حيث جرى به القلم في اللوح المحفوظ، ثم كتب في المصاحف التي بين أيدينا، وسماه مبينا لأنه بين ووضح فيه الأحكام وغيرها، قال تعالى وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل]- وروي في حديث عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه مرفوعا تسميته بحبل الله، وهو تشبيه له بالحبل الذي يتعلق به من يريد الرقي من أسفل إلى أعلى، وكلما كان الحبل متينا قويا، كان أثبت له، وآمن أن ينقطع بمن تمسك به، وقد أمرنا بالتمسك بتعاليم هذا القرآن، قال تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا [آل عمران]- أي بدينه وشرعه المتلقى عن الكتاب والسنة.
(ج) وقد ذكر الله إنزال هذا القرآن منه، قال تعالى تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت]- وقال: مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [الأنعام]- وكذا آية الشعراء المذكور معناها في المتن وهي قوله: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ أي هو تنزيل من الله، نزل بواسطة الروح الأمين، وهو ملك الوحي جبريل عليه السلام، المأمون على وحي الله، أنزله على قلب سيد المرسلين، بأن قرأه وهو يسمع ويعقل حتى ثبت في قلبه.
(د) وذهبت المعتزلة إلى أن القرآن مخلوق، خلقه الله في اللوح المحفوظ أو غيره، وأخذه جبريل نقلا من ذلك. وهذا يعتبر تكذيبا لله ورسوله كما في النصوص السابقة، وهو خلاف ما عليه الصحابة والسلف الصالح، وقد تشعبت مذاهب المبتدعة في القرآن، ولهم أقوال لا دليل عليها، ولا طائل تحتها.
(هـ) أما قوله: منه بدأ وإليه يعود. فالمعنى أنه الذي تكلم به ابتداء، وإليه يرجع في آخر الدنيا، حيث يسرى عليه فينسخ من الصدور، ويمحى من المصاحف، ورفعه من أشراط الساعة، عندما يعرض عن العمل به.

line-bottom