لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
78836 مشاهدة print word pdf
line-top
([فصل] في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة)

ص (والمؤمنون يرون الله تعالى في الآخرة بأبصارهم، ويزورونه، ويكلمهم ويكلمونه، قال الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة]- وقال كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين]- فلما حجب أولئك في حال السخط، دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضى، وإلا لم يكن بينهما فرق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته حديث صحيح متفق عليه. وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، لا للمرئي بالمرئي، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير).


س 37 (أ) ما تقول في رؤية الله تعالى (ب) ومتى تكون. (ج) ومن الذي يراه. (د) وهل هي بصرية أو قلبية. (هـ) وبين الأدلة على ذلك مع إيضاح دلالتها. (و) وما معنى: لا تضامون؟ (ز) وما الجواب عن أدلة منكري الرؤية؟
ج 37 (أ) اتفق السلف وأهل السنة من الخلف على إثبات رؤية الله تعالى، رؤية حقيقية عيانا بالأبصار، مع تنزيه الرب تعالى عن مشابهة الخلق في شيء من خصائصهم وصفاتهم.
(ب) وهذه الرؤية تكون في يوم القيامة، وفي الجنة كما يشاء الرب سبحانه.
(ج) وتكون في الموقف للمؤمنين ومن معهم ممن يظهر الإيمان، ففي حديث أبي سعيد المتفق عليه يقول عليه السلام: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، قالوا: لا. قال: هل تضارون في رؤية الشمس صحوا ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترون ربكم كذلك ثم ذكر أنه يتبع كل أحد ما يعبده، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول: ما تنتظرون؟ فيقولون: ننتظر ربنا، فيقول: أنا ربكم فإذا رأوه خروا سجدا، ثم ذكر أن المنافق- الذي كان يسجد رياء- لا يستطيع السجود. وقد ذكر هذا في قوله تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ [القلم].
وتكون الرؤية في الجنة خاصة بالمؤمنين، فمنهم من ينظر إلى الله تعالى بكرة وعشيا، ومنهم من يزوره ويراه في مثل يوم الجمعة، ويسمى يوم المزيد، فالرؤية من أعلى نعيم أهل الجنة، فلهذا عوقب الكفار بالحجاب عن ربهم.
(د) ثم هي رؤية بالأبصار حقيقة، كما نطقت بذلك السنة، وأوضحه القرآن.
(هـ) وقد ذكر المؤلف عليها أدلة كافية - ففي الآية الأولى وصف الوجوه السعيدة بالنضارة، وهي البهاء والجمال، ثم صرح بأنها تنظر إلى ربها، وأضاف النظر إلى الوجوه لأنها محل الأعين، وفي الآية الثانية ذكر أن الكفار محجوبون عن ربهم. فلما حجب هؤلاء في الغضب، أفاد أن الأبرار ينظرون إلى الله في الرضا، فلو كان المؤمنون لا يرونه لكانوا محجوبين أيضا عن ربهم. وأما الأحاديث في إثبات الرؤية فكثيرة جدا، استوفاها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في حادي الأرواح وغيره، وأشهرها حديث جرير المذكور إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أنها حقيقة لا التباس فيها ولا توهم، كما أنهم لا يشكّون في رؤية القمر.
(و) لا تضامون. أي لا يلحقكم ضيم، وهو الضرر والمشقة، وروي بفتح التاء وتشديد الميم، أي لا ينضم بعضكم إلى بعض حالة الرؤية، والأول أشهر.
(ز) والمنكرون للرؤية هم الجهمية، ومن قلدهم كالمعتزلة، وبعض المرجئة، قالوا: إن إثباتها يستلزم التشبيه، وإثبات الجهة، وذلك من شأن المحدثات والمركبات، ثم تكلفوا في رد دلالة النصوص بما يشهد العقل ببطلانه، فأهل السنة يثبتون جهة العلو لله كما سبق، ولا يلزم منها الحدوث والتجدد لشيء من صفات الله تعالى أما أدلتهم النقلية فأقواها قوله تعالى لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [الأنعام]. يجاب عنها بأن الرؤية أخص من الإدراك فالمعنى لا تحيط به، إذا رأته لعجزها عن إدراك كنهه، فتكون الآية دليلا على الإثبات، واستدلوا بقوله تعالى لموسى لَنْ تَرَانِي لما قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف]، فيقال: إنه لا يظن بموسى عليه السلام أن يسأل ما لا يجوز على الله، فهو لما سأل الرؤية منعه، لضعف البشر في الدنيا عن الثبوت لذلك، ولهذا لما تجلى الله تعالى للجبل اندك، وروي أنه غار في الأرض، ففي الآخرة يمد الله عباده بقوة يقدرون معها على رؤية ربهم.

line-bottom