القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49723 مشاهدة
صفة العلو والفوقية

ص (وقوله أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك وقال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء: قال أعتقها فإنها مؤمنة رواه مالك بن أنس ومسلم وغيرهما من الأئمة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين كم إلها تعبد؟ قال: سبعة. ستة في الأرض وواحدا في السماء. قال: ومن لرهبتك ورغبتك؟ قال الذي في السماء. قال: فاترك الستة، واعبد الذي في السماء، وأنا أعلمك دعوتين فأسلم وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة أنهم يسجدون بالأرض، ويزعمون أن إلههم في السماء).


س 29 (أ) بين دلالة الآية المذكورة والحديث الأول. (ب) وكيف يستدل بكلام الجارية؟. (ج) وما معنى قوله: كم إلها تعبد؟ (د) وما المراد برغبته ورهبته. (هـ) وبين دلالة الأثر عن الكتب المتقدمة. (و) وما معنى حرف الجر في قوله (في السماء)؟
ج29 (أ) تفيد الآية والحديث أن الله تعالى في السماء، والمعنى: كيف تأمنون الله الذي في السماء فوقكم ومطلع عليكم، وفى الحديث توسل إلى الله بكونه الرب، أي المالك المربي لنا بالنعم، وبكونه في السماء حيث أن صفة العلو تفيد الغلبة والتمكن، ثم مجده تعالى بقوله تقدس اسمك، أي تنزه، وعظم جلالك، وكبرياؤك، والحديث رواه أبو داود والحاكم والبيهقي والطبراني عن أبي الدرداء في رقية المريض.
(ب) أما حديث الجارية فرواه مسلم وأبو داود والنسائي والإمام مالك وغيرهم، ودلالته واضحة على إثبات صفة العلو لله تعالى فإنه لما قال أين الله فقالت: في السماء، كان اعترافا منها بالله مألوها، وأنه العلي الأعلى، ولما أقرها على ذلك، وشهد لها بالإيمان، دل على أن اعتقاد كون الله في السماء مما يتم به الإيمان.
(ج) أما حديث حصين -وهو والد عمران - فرواه الترمذي والبيهقي وغيرهما.
سأله عن عدد الآلهة التي يعبدها وكانوا يسمون كل معبود إلها، لأنهم يألهونه، أي تألهه قلوبهم، محبة، وخوفا، ورجاء، وكانوا يعترفون بالله ربا وخالقا، فلذلك ذكر حصين أنه يعبد سبعة آلهة، وأن واحدا منها في السماء وهو الله.
(د) وقوله: من لرغبتك ورهبتك؟ الرغبة قوة الرجاء، والرهبة شدة الخوف، أي أيهم الذي تقصده وتهرع إليه عند شدة الخوف من ضرر، أو عند الحاجة إلى شيء مفقود، فاعترف بأن ذلك لله وحده، وكانوا في الشدة ينسون ما يشركون، ويدعون الله مخلصين له الدين، كما قال تعالى وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ وقال: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ودلالة الحديث في إقراره على أن المعبود للرغبة والرهبة هو الذي في السماء، وفى قوله: اترك الستة واعبد الذي في السماء، أي اعبد الله وحده، فلما أسلم علمه هذا الدعاء المختصر النافع.
(ه)وإما الأثر المنقول عن الكتب المتقدمة ففيه وصف هذه الأمة بأنهم وإن كانوا في الأرض فإنهم يعبدون الله الذي هو فوقهم في السماء، فدلالته كدلالة ما قبله.
(و)أما قوله في هذه النصوص (في السماء)، فليس معناه أن السماء تحويه أو تحصره، تعالى وتقدس عن ذلك علوا كبيرا، وقد فسرت بتفسيرين (أحدهما) أن حرف الجر بمعنى على، كما في قوله تعالى فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ وقوله: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وقوله أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فإن في بمعنى على فالمراد كونه على السماء، أي فوقها. (الثاني) أن المراد بالسماء العلو، أي هو في العلو وفوق العباد.